للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة النساء (٤) : الآيات ٦١ الى ٦٢]

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (٦١) فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢)

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ وقرئ «تَعَالَوْاْ» بضم اللام على أنه حذف لام الفعل اعتباطاً ثم ضم اللام لواو الضمير. رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً هو مصدر أو اسم للمصدر الذي هو الصد، والفرق بينه وبين السد أنه غير محسوس والسد محسوس ويصدون في موضع الحال.

فَكَيْفَ يكون حالهم. إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ كقتل عمر المنافق أو النقمة من الله تعالى. بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من التحاكم إلى غيرك وعدم الرضى بحكمك. ثُمَّ جاؤُكَ حين يصابون للاعتذار، عطف على أصابتهم. وقيل على يصدون وما بينهما اعتراض. يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ حال. إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً ما أردنا بذلك إلا الفصل بالوجه الأحسن والتوفيق بين الخصمين، ولم نرد مخالفتك. وقيل جاء أصحاب القتيل طالبين بدمه وقالوا ما أردنا بالتحاكم إلى عمر إلا أن يحسن إلى صاحبنا ويوفق بينه وبين خصمه.

[[سورة النساء (٤) : آية ٦٣]]

أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣)

أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ من النفاق فلا يغني عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب.

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم أو عن قبول معذرتهم. وَعِظْهُمْ بلسانك وكفهم عما هم عليه. وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ أي في معنى أنفسهم أو خاليا بهم فطن النصح في السر أنجع. قَوْلًا بَلِيغاً يبلغ منهم ويؤثر فيهم، أمره بالتجافي عن ذنوبهم والنصح لهم والمبالغة فيه بالترغيب والترهيب، وذلك مقتضى شفقة الأنبياء عليهم السلام، وتعليق الظرف ببليغا على معنى بليغاً في أنفسهم مؤثراً فيها ضعيف لأن معمول الصفة لا يتقدم على الموصوف، والقول البليغ في الأصل هو الذي يطابق مدلوله المقصود به.

[[سورة النساء (٤) : آية ٦٤]]

وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤)

وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ بسبب إذنه في طاعته وأمره المبعوث إليهم بأن يطيعوه، وكأنه احتج بذلك على أن الذي لم يرض بحكمه وإن أظهر الإسلام كان كافراً مستوجب القتل، وتقريره أن إرسال الرسول لما لم يكن إلا ليطاع كان من لم يطعه ولم يرض بحكمه لم يقبل رسالته ومن كان كذلك كان كافراً مستوجب القتل. وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالنفاق أو التحاكم إلى الطاغوت. جاؤُكَ تائبين من ذلك وهو خبر أن وإذ متعلق به. فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ بالتوبة والإِخلاص. وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ واعتذروا إليك حتى انتصبت لهم شفيعاً، وإنما عدل الخطاب تفخيماً لشأنه وتنبيهاً على أن من حق الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع له، ومن منصبه أن يشفع في كبائر الذنوب. لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً لعلموه قابلاً لتوبتهم متفضلاً عليهم بالرحمة، وإن فسر وجد بصادف كان تواباً حالاً ورحيماً بدلاً منه أو حالاً من الضمير فيه.

[[سورة النساء (٤) : آية ٦٥]]

فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>