للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ يتناول الذبائح وغيرها، ويعم الذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى، واستثنى علي رضي الله تعالى عنه نصارى بني تغلب وقال: ليسوا على النصرانية، ولم يأخذوا منها إلا شرب الخمر. ولا يلحق بهم المجوس في ذلك وإن ألحقوا بهم في التقرير على الجزية

لقوله عليه الصلاة والسلام: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب، غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم»

وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ فلا عليكم أن تطعموهم وتبيعوه منهم ولو حرم عليهم لم يجز ذلك. وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ أي الحرائر أو العفائف، وتخصيصهن بعث على ما هو الأولى. وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وإن كن حربيات وقال ابن عباس لا تحل الحربيات. إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مهورهن وتقييد الحل بإيتائها لتأكيد وجوبها والحث على ما هو الأولى. وقيل المراد بإيتائها التزامها مُحْصِنِينَ أعفاء بالنكاح.

غَيْرَ مُسافِحِينَ غير مجاهرين بالزنا. وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ مسرين به، والخدن الصديق يقع على الذكر والأنثى. وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ يريد بالإِيمان شرائع الإِسلام وبالكفر إنكاره والامتناع عنه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماء فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ أي إذا أردتم القيام كقوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ عبر عن إرادة الفعل المسبب عنها للإيجاز والتنبيه على أن من أراد العبادة ينبغي أن يبادر إليها، بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة، أو إذا قصدتم الصلاة لأن التوجه إلى الشيء والقيام إليه قصد له، وظاهر الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة وإن لم يكن محدثاً، والإِجماع على خلافه لما

روي «أنه عليه الصلاة والسلام صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد يوم الفتح فقال عمر رضي الله تعالى عنه: صنعت شيئاً لم تكن تصنعه فقال عمداً فعلته»

فقيل مطلق أريد به التقييد، والمعنى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ محدثين. وقيل الأمر فيه للندب. وقيل كان ذلك أول الأمر ثم نسخ وهو ضعيف

لقوله عليه الصلاة والسلام: «المائدة من آخر القرآن نزولاً فأحلوا حلالها وحرموا حرامها» .

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ أمروا الماء عليها ولا حاجة إلى الدلك خلافاً لمالك. وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ الجمهور على دخول المرفقين في المغسول ولذلك قيل: إِلَى بمعنى مع كقوله تعالى: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ أو متعلقة بمحذوف تقديره: وأيديكم مضافة إلى المرافق، ولو كان كذلك لم يبق لمعنى التحديد ولا لذكره مزيد فائدة، لأن مطلق اليد يشتمل عليها.

وقيل: إلى تفيد الغاية مطلقاً وأما دخولها في الحكم أو خروجها منه فلا دلالة لها عليه وإنما يعلم من خارج ولم يكن في الآية، وكانت الأيدي متناولة لها فحكم بدخولها احتياطاً. وقيل إلى من حيث أنها تفيد الغاية تقتضي خروجها وإلا لم تكن غاية لقوله تعالى: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ لكن لما لم تتميز الغاية ها هنا عن ذي الغاية وجب إدخالها احتياطا. وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ الباء مزيدة. وقيل للتبعيض، فإنه الفارق بين قولك مسحت المنديل وبالمنديل، ووجهه أن يقال إنها تدل على تضمين الفعل معنى الإلصاق فكأنه قيل: وألصقوا المسح برءوسكم، وذلك لا يقتضي الاستيعاب بخلاف ما

<<  <  ج: ص:  >  >>