للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة المائدة (٥) : آية ١٩]]

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ أي الدين، وحذف لظهوره، أو ما كتمتم وحذف لتقدم ذكره ويجوز أن لا يقدر مفعول على معنى يبذل لكم البيان والجملة في موضع الحال أي جاءكم رسولنا مبيناً لكم. عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ متعلق بجاءكم أي جاءكم على حين فتور من الإِرسال وانقطاع من الوحي، أو يبين حال من الضمير فيه. أَنْ تَقُولُوا مَا جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ

كراهة أن تقولوا ذلك وتعتذروا به. فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ متعلق بمحذوف أي لا تعتذروا ب مَا جاءَنا فقد جاءكم. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على الإِرسال تترى كما فعل بين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، إِذْ كان بينهما ألف وسبعمائة سنة وألف نبي، وعلى الإِرسال على فترة كما فعل بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام كان بينهما ستمائة أو خمسمائة وتسع وستون سنة وأربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب خالد بن سنان العبسي، وفي الآية امتنان عليهم بأن بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي وكانوا أحوج ما يكونون إليه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٢٠]]

وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠)

وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ فأرشدكم وشرفكم بهم ولم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء. وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً أي وجعل منكم أو فيكم، وقد تكاثر فيهم الملوك تكاثر الأنبياء بعد فرعون حتى قتلوا يحيى وهموا بقتل عيسى، وقيل: لما كانوا مملوكين في أيدي القبط فأنقذهم الله وجعلهم مالكين لأنفسهم وأمورهم سماهم ملوكاً. وَآتاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ من فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى ونحوها مما آتاهم الله، وقيل: المراد بالعالمين عالمي زمانهم.

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٢١ الى ٢٢]

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يَا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢)

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ أرض بيت المقدس سميت بذلك لأنها كانت قرار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومسكن المؤمنين. وقيل: الطور وما حوله. وقيل: دمشق وفلسطين وبعض الأردن. وقيل الشام. الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ قسمها لكم أو كتب في اللوح أنها تكون مسكناً لكم، ولكن إن آمنتم وأطعتم لقوله لهم بعد ما عصوا فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ. وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ ولا ترجعوا مدبرين خوفاً من الجبابرة قيل لما سمعوا حالهم من النقباء بكوا وقالوا: ليتنا متنا بمصر تعالوا نجعل علينا رأساً ينصرف بنا إلى مصر، أو لا ترتدوا عن دينكم بالعصيان وعدم الوثوق على الله سبحانه وتعالى. فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ثواب الدارين، ويجوز في فتنقلبوا الجزم على العطف والنصب على الجواب.

قالُوا يَا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ متغلبين لا تتأتى مقاومتهم، والجبار فعال من جبره على الأمر بمعنى أجبره وهو الذي يجبر الناس على ما يريده. وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ إِذ لاَ طَاقَة لَنَا بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>