للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظر أي: ليجمعنكم في القبور مبعوثين إلى يوم القيامة، فيجازيكم على شرككم. أو في يوم القيامة وإلى بمعنى في. وقيل بدل من الرحمة بدل البعض فإنه من رحمته بعثه إياكم وإنعامه عليكم. لاَ رَيْبَ فِيهِ في اليوم أو الجمع. الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بتضييع رأس مالهم. وهو الفطرة الأصلية والعقل السليم، وموضع الذين نصب على الذم أو رفع على الخبر أي: وأنتم الذين أو على الابتداء والخبر. فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ والفاء للدلالة على أن عدم إيمانهم مسبب عن خسرانهم، فإن إبطال العقل باتباع الحواس والوهم والانهماك في التقليد وإغفال النظر أدى بهم إلى الاصرار على الكفر والامتناع من الإِيمان وَلَهُ عطف على لله. مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ من السكنى وتعديته بفي كما في قوله تعالى: وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ والمعنى ما اشتملا عليه، أو من السكون أي ما سكن فيهما وتحرك فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر. وَهُوَ السَّمِيعُ لكل مسموع. الْعَلِيمُ بكل معلوم فلا يخفى عليه شيء، ويجوز أن يكون وعيداً للمشركين على أقوالهم وأفعالهم.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٤]]

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤)

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا إنكار لاتخاذ غير الله ولياً لا لاتخاذ الولي. فلذلك قدم وأولى الهمزة والمراد بالولي المعبود لأنه رد لمن دعاه إلى الشرك. فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مبدعهما، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما عرفت معنى الفاطر حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما، أنا فطرتها أي ابتدأتها. وجره على الصفة لله فإنه بمعنى الماضي ولذلك قرئ «فطر» وقرئ بالرفع والنصب على المدح.

وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ يَرزق ولا يُرزق، وتخصيص الطعام لشدة الحاجة إليه. وقرئ «ولا يطعم» بفتح الياء وبعكس الأول على أن الضمير لغير الله، والمعنى كيف أشرك بمن هو فاطر السموات والأرض ما هو نازل عن رتبة الحيوانية، وببنائهما لفاعل على أن الثاني من أطعم بمعنى استطعم، أو على معنى أنه يطعم تارة ولا يطعم أخرى كقوله: يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ. قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم سابق أمته في الدين. وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وقيل لي ولا تكونَنَّ، ويجوز عطفه على قل.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٥ الى ١٦]

قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦)

قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ مبالغة أخرى في قطع أطماعهم، وتعريض لهم بأنهم عصاة مستوجبون للعذاب، والشرط معترض بين الفعل والمفعول به وجوابه محذوف دل عليه الجملة.

مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ أي يصرف العذاب عنه. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم يُصْرَفْ عَلَى أن الضمير فيه لله سبحانه وتعالى. وقد قرئ بإظهاره والمفعول به محذوف، أو يومئذ بحذف المضاف. فَقَدْ رَحِمَهُ نجاه وأنعم عليه. وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ أي الصرف أو الرحمة.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٧ الى ١٨]

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨)

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ببلية كمرض وفقر. فَلا كاشِفَ لَهُ فلا قادر على كشفه. إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ بنعمة كصحة وغنى. فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فكان قادراً على حفظه وإدامته فلا يقدر غيره على دفعه كقوله تعالى: فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>