للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكسائي لاَ يُكَذِّبُونَكَ من أكذبه إذا وجده كاذباً، أو نسبه إلى الكذب. وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ولكنهم يجحدون بآيات الله ويكذبونها، فوضع الظالمين موضع الضمير للدلالة على أنهم ظلموا بجحودهم، أو جحدوا لتمرنهم على الظلم، والباء لتضمين الجحود معنى التكذيب.

روي أن أبا جهل كان يقول: ما نكذبك وإنك عندنا لصادق وإنما نكذب ما جئتنا به. فنزلت.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٤]]

وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤)

وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفيه دليل على أن قوله: لاَ يُكَذِّبُونَكَ، ليس لنفي تكذيبه مطلقاً. فَصَبَرُوا عَلى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا على تكذيبهم وإيذائهم فتأس بهم واصبر. حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فيه إيماء بوعد النصر للصابرين. وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ لمواعيده من قوله: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ الآيات. وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ أي بعض قصصهم وما كابدوا من قومهم.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٥]]

وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥)

وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ عظم وشق إِعْراضُهُمْ عنك وعن الإِيمان بما جئت به. فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ منفذاً تنفذ فيه إلى جوف الأرض فتطلع لهم آية، أو مصعداً تصعد به إلى السماء فتنزل منها آية، وفي الأرض صفة لنفقاً وفي السماء صفة لسلما، ويجوز أن يكونا متعلقين بتبتغي، أو حالين من المستكن وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره فافعل، والجملة جواب الأول والمقصود بيان حرصه البالغ على إسلام قومه، وأنه لو قدر أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها رجاء إيمانهم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى أي ولو شاء الله جمعهم عَلَى الهدى لوفقهم للإِيمان حتى يؤمنوا ولكن لم تتعلق به مشيئته، فلا تتهالك عليه والمعتزلة أولوه بأنه لو شاء لجمعهم على الهدى بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكن لم يفعل لخروجه عن الحكمة. فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ بالحرص على ما لا يكون، والجزع في مواطن الصبر فإن ذلك من دأب الجهلة.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]

إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٣٧)

إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ إنما يجيب الذين يسمعون بفهم وتأمل لقوله: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وهؤلاء كالموتى الذين لا يسمعون. وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ فيعلمهم حين لا ينفعهم الإِيمان. ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ للجزاء.

وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ أي آية بما اقترحوه، أو آية أخرى سوى ما أنزل من الآيات المتكاثرة لعدم اعتدادهم بها عناداً. قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً مما اقترحوه، أو آية تضطرهم إلى الإِيمان كنتق الجبل، أو آية إن جحدوها هلكوا. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ أن الله قادر على إنزالها، وأن إنزالها يستجلب عليهم البلاء، وأن لهم فيما أنزل مندوحة عن غيره. وقرأ ابن كثير يُنَزِّلَ بالتخفيف والمعنى واحد.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٨]]

وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مَّا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>