للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٥٩ الى ١٦٠]

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠)

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ بددوه فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، أو افترقوا فيه

قال عليه الصلاة والسلام: «إفترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة

، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة» . وقرأ حمزة والكسائي «فارقوا» أي باينوا. وَكانُوا شِيَعاً فرقاً تشيع كل فرقة إماماً. لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ أي من السؤال عنهم وعن تفرقهم، أو من عقابهم، أو أنت بريء منهم. وقيل هو نهي عن التعرض لهم وهو منسوخ بآية السيف. إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ يتولى جزاءهم. ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ بالعقاب.

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أي عشر حسنات أمثالها فضلاً من الله. وقرأ يعقوب «عشرة» بالتنوين وأمثالها بالرفع على الوصف. وهذا أقل ما وعد من الأضعاف وقد جاء الوعد بسبعين وسبعمائة وبغيرِ حساب ولذلك قيل: المراد بالعشر الكثرة دون العدد. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها قضية للعدل.

وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ بنقص الثواب وزيادة العقاب.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٦١]]

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١)

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ بالوحي والإِرشاد إلى ما نصب من الحجج. دِيناً بدل من محل إلى صراط إذ المعنى، هداني صراطاً كقوله: وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً أو مفعول فعل مضمر دل عليه الملفوظ. قِيَماً فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من المستقيم باعتبار الزنة والمستقيم باعتبار الصيغة. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي قِيَماً على أنه مصدر نعت به وكان قياسه قوماً كعوض فاعل لإِعلال فعله كالقيام. مِلَّةَ إِبْراهِيمَ عطف بيان لدينا. حَنِيفاً حال من إبراهيم. وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عطف عليه.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٦٢ الى ١٦٣]

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي عبادتي كلها، أو قرباني أو حجي. وَمَحْيايَ وَمَماتِي وما أنا عليه في حياتي وأموت عليه من الإِيمان والطاعة، أو طاعات الحياة والخيرات المضافة إلى الممات كالوصية والتدبير، أو الحياة والممات أنفسهما. وقرأ نافع مَحْيايَ بإسكان الياء إجراء للوصل مجرى الوقف. لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ خالصة له لا أشرك فيها غيراً. وَبِذلِكَ القول أو الإِخلاص. أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ لأن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٦٤]]

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤)

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا فأشركه في عبادتي وهو جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم. وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ حال في موضع العلة للإنكار والدليل له أي وكل ما سواه مربوب مثلي لا يصلح للربوبية. وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها فلا ينفعني في ابتغاء رب غيره ما أنتم عليه من ذلك. وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى جواب عن قولهم: اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ. ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ يوم القيامة. فَيُنَبِّئُكُمْ بِما

<<  <  ج: ص:  >  >>