للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الإِيمان.

روي أنهم كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم هوداً فكذبوه، وازدادوا عتواً فأمسك الله القطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدهم، وكان الناس حينئذ مسلمهم ومشركهم إذا نزل بهم بلاء توجهوا إلى البيت الحرام وطلبوا من الله الفرج، فجهزوا إليه

قيل بن عنز ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم، وكان إذ ذاك بمكة العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام وسيدهم معاوية بن بكر، فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم، وكانوا أخواله وأصهاره، فلبثوا عنده شهراً يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان له، فلما رأى ذهولهم باللهو عما بعثوا له أهمه ذلك واستحيا أن يكلمهم فيه مخافة أن يظنوا به ثقل مقامهم فعلم القينتين:

أَلاَ يَا قِيلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِم ... لَعَلَّ الله يُسْقِينَا الغَمَامَا

فَيُسْقِي أَرْضَ عَادٍ إن عَادا ... قَد امْسوا مَا يُبينُونَ الكَلاَما

حتى غنتا به، فأزعجهم ذلك فقال مرثد: والله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى الله سبحانه وتعالى سقيتم، فقالوا لمعاوية: احبسه عنا لا يقدمن معنا مكة فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا، ثم دخلوا مكة فقال قيل: اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيهم، فأنشأ الله تعالى سحابات ثلاثاً بيضاء وحمراء وسوداء، ثم ناداه مناد من السماء يا قيل: اختر لنفسك ولقومك. فقال اخترت السوداء فإنها أكثرهن ماء، فخرجت على عاد من وادي المغيث فاستبشروا بها وقالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فجاءتهم منها ريح عقيم فأهلكتهم ونجا هود والمؤمنون معه، فأتوا مكة وعبدوا الله سبحانه وتعالى فيها حتى ماتوا.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٧٣]]

وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣)

وَإِلى ثَمُودَ قبيلة أخرى من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح.

وقيل سموا به لقلة مائهم من الثمد وهو الماء القليل. وقرئ مصروفاً بتأويل الحي أو باعتبار الأصل، وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى. أَخاهُمْ صالِحاً صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود. قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ معجزة ظاهرة الدلالة على صحة نبوتي وقوله: هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً استئناف لبيانها، وآية نصب على الحال والعامل فيها معنى الإشارة، ولكم بيان لمن هي له آية، ويجوز أن تكون ناقَةُ اللَّهِ بدلاً أو عطف بيان ولكم خبراً عاملاً في آيَةً، وإضافة الناقة إلى الله لتعظيمها ولأنها جاءت من عنده بلا وسائط وأسباب معهودة ولذلك كانت آية. فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ العشب. وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ نهى عن المس الذي هو مقدمة الإصابة بالسوء الجامع لأنواع الأذى مبالغة في الأمر وإزاحة للعذر. فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ جواب للنهي.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥)

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أرض الحجر. تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً أي تبنون في سهولها، أو من سهولة الأرض بما تعملون منها كاللبن والآجر. وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>