للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفين، وقرأ الباقون بتحقيق الهمزة الأولى وتليين الثانية. قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ أي إن هذا الصنيع لحيلة احتلتموها أنتم وموسى. فِي الْمَدِينَةِ في مصر قبل أن تخرجوا للميعاد. لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها يعنى القبط وتخلص لكم ولبني إسرائيل. فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة ما فعلتم، وهو تهديد مجمل تفصيله: لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ من كل شق طرفاً. ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ تفضيحاً لكم وتنكيلاً لأمثالكم. قيل إنه أول من سن ذلك فشرعه الله للقطاع تعظيما لجرمهم ولذلك سماه محاربة لله ورسوله، ولكن على التعاقب لفرط رحمته.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٦]

قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦)

قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ بالموت لا محالة فلا نبالي بوعيدك، أو إنا منقلبون إلى ربنا وثوابه إن فعلت بنا ذلك، كأنهم استطابوه شغفاً على لقاء الله، أو مصيرنا ومصيرك إلى ربنا فيحكم بيننا.

وَما تَنْقِمُ مِنَّا وما تنكر منا. إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا وهو خير الأعمال وأصل المناقب ليس مما يتأتى لنا العدول عنه طلباً لمرضاتك، ثم فزعوا إلى الله سبحانه وتعالى فقالوا: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً أفض علينا صبراً يغمرنا كما يفرغ الماء، أو صب علينا ما يطهرنا من الآثام وهو الصبر على وعيد فرعون. وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ ثابتين على الإِسلام. قيل إنه فعل بهم ما أوعدهم به. وقيل إنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى: أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٢٧]]

وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (١٢٧)

وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بتغيير الناس عليك ودعوتهم إلى مخالفتك. وَيَذَرَكَ عطف على يفسدوا، أو جواب الاستفهام بالواو كقول الحطيئة:

أَلَمْ أَكُ جَارَكُم وَيَكُونُ بَيْني ... وَبَيْنَكُمْ المَوَدَّةُ وَالإِخَاءُ

على معنى أيكون منك ترك موسى ويكون منه تركه إياك. وقرئ بالرفع على أنه عطف على أنذر أو استئناف أو حال. وقرئ بالسكون كأنه قيل: يفسدوا ويذرك كقوله تعالى: فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ، وَآلِهَتَكَ معبوداتك قيل كان يعبد الكواكب. وقيل صنع لقومه أصناماً وأمرهم أن يعبدوها تقرباً إليه ولذلك قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وقرئ «إلا هتك» أي عبادتك. قالَ فرعون سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ كما كنا نفعل من قبل ليعلم أنا على ما كنا عليه من القهر والغلبة، ولا يتوهم أنه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكنا على يده. وقرأ ابن كثير ونافع سَنُقَتِّلُ بالتخفيف. وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ غالبون وهم مقهورون تحت أيدينا.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٨ الى ١٢٩]

قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨) قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩)

قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا لما سمعوا قول فرعون وتضجروا منه تسكيناً لهم إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ تسلية لهم وتقرير للأمر بالاستعانة بالله والتثبت في الأمر. وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>