للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الوجل لقلتكم وذلتكم. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وإمداد الملائكة وكثرة العدد والأهب ونحوهما وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ١١]]

إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (١١)

إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ بدل ثان من إِذْ يَعِدُكُمُ لإِظهار نعمة ثالثة أو متعلق بالنصر أو بما في عند الله من معنى الفعل، أو بجعل أو بإضمار اذكر. وقرأ نافع بالتخفيف من أغشيته الشيء إذا غشيته إياه والفاعل على القراءتين هو الله تعالى وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «يغشاكم النعاس» بالرفع. أَمَنَةً مِنْهُ أمنا من الله، وهو مفعول له باعتبار المعنى فإن قوله يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ متضمن معنى تنعسون، و «يغشاكم» بمعناه، وال أَمَنَةً فعل لفاعله ويجوز أن يراد بها الإِيمان فيكون فعل المغشي، وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النعاس على المجاز لأنها لأصحابه، أو لأنه كان من حقه أن لا يغشاهم لشدة الخوف فلما غشيهم فكأنه حصلت له أمنة من الله لولاها لم يغشهم كقوله:

بهاب النَّوْمُ أنْ يَغْشَى عُيُونا ... تَهَابُكَ فَهُوَ نَفَّارٌ شَرُودُ

وقرئ «أمنة» كرحمة وهي لغة. وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاء لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ من الحدث والجنابة.

وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ يعني الجنابة لأنها من تخييله، أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش.

روي أنهم نزلوا في كثيب أغفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء، فوسوس إليهم الشيطان وقال: كيف تنصرون، وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وتزعمون أنكم أولياء الله، وفيكم رسوله فأشفقوا فأنزل الله المطر، فمطروا ليلاً حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضؤوا، وتلبد الرمل الذي بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة.

وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ بالوثوق على لطف الله بهم. وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل، أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ١٢]]

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢)

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ بدل ثالث أو متعلق بيثبت. إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ في إعانتهم وتثبيتهم وهو مفعول يُوحِي. وقرئ بالكسر على إرادة القول أو إجراء الوحي مجراه. فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا بالبشارة أو بتكثير سوادهم، أو بمحاربة أعدائهم فيكون قوله: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ كالتفسير لقوله أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا، وفيه دليل على أنهم قاتلوا ومن منع ذلك جعل الخطاب فيه مع المؤمنين إما على تغيير الخطاب أو على أن قوله: سَأُلْقِي إلى قوله: كُلَّ بَنانٍ تلقين للملائكة ما يثبتون المؤمنين به كأنه قال:

قولوا لهم قوْلي هذا. فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ أعاليها التي هي المذابح أو الرؤوس. وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ أصابع أي جزوا رقابهم واقطعوا أطرافهم.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ١٣ الى ١٤]

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٣) ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (١٤)

ِكَ

إشارة إلى الضرب أو الأمر به والخطاب للرسول، أو لكل أحد من المخاطبين قبل. أَنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>