للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ أي الذي أخذتموه من الكفار قهراً. مِنْ شَيْءٍ مما يقع عليه اسم الشيء حتى الخيط. فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ مبتدأ خبره محذوف أي: فثابت أن لله خمسه. وقرئ «فإن» بالكسر والجمهور على أن ذكر الله للتعظيم كما في قوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ. وأن المراد قسم الخمس على الخمسة المعطوفين وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فكأنه قال: فأن لله خمسه يصرف إلى هؤلاء الأخصين به. وحكمه بعده، باق غير أن سهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين كما فعله الشيخان رضي الله تعالى عنهما. وقيل إلى الإمام. وقيل إلى الأصناف الأربعة. وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه سقط سهمه وسهم ذوي القربى بوفاته وصار الكل مصروفاً إلى الثلاثة الباقية. وعن مالك رضي الله تعالى عنه الأمر فيه مفوض إلى رأي الإمام يصرفه إلى ما يراه أهم، وذهب أبو العالية إلى ظاهر الآية فقال يقسم ستة أقسام ويصرف سهم الله إلى الكعبة لما

روي (أنه عليه الصلاة والسلام كان يأخذ قبضة منه فيجعلها للكعبة ثم يقسم ما بقي على خمسة) .

وقيل سهم الله لبيت المال. وقيل هو مضموم إلى سهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وذوو القربى: بنو هاشم، وبنو المطلب. لما

روي أنه عليه الصلاة والسلام قسم سهم ذوي القربى عليهما فقال له عثمان وجبير بن مطعم رضي الله عنهما: هؤلاء إخوتك بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وحرمتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال عليه الصلاة والسلام: «إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام وشبك بين أصابعه» .

وقيل بنو هاشم وحدهم. وقيل جميع قريش الغني والفقير فيه سواء. وقيل هو مخصوص بفقرائهم كسهم بن السبيل. وقيل الخمس كله لهم والمراد باليتامى والمساكين وابن السبيل من كان منهم والعطف للتخصيص. والآية نزلت ببدر. وقيل الخمس كان في غزوة بني قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهراً من الهجرة. إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ متعلق بمحذوف دل عليه وَاعْلَمُوا أي:

إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أنه جعل الخمس لهؤلاء فسلموه إليهم واقتنعوا بالأخماس الأربعة الباقية، فإن العلم العملي إذا أمر به لم يرد منه العلم المجرد لأنه مقصود بالعرض والمقصود بالذات هو العمل. وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا محمد صلّى الله عليه وسلّم من الآيات والملائكة والنصر. وقرئ عَبْدَنَا بضمتين أي الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين. يَوْمَ الْفُرْقانِ يوم بدر فإنه فرق فيه بين الحق والباطل. يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ المسلمون والكافرون. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على نصر القليل على الكثير والإِمداد بالملائكة.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٢]]

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢)

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا بدل من يَوْمَ الْفُرْقانِ، والعدوة بالحركات الثلاث شط الوادي وقد قرئ بها، والمشهور الضم والكسر وهو قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب. وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى البعدى من المدينة، تأنيث الأقصى وكان قياسه قلب الواو ياء كالدنيا والعليا تفرقة بين الإسم والصفة فجاء على الأصل كالقود وهو أكثر استعمالاً من القصيا. وَالرَّكْبُ أي العير أو قوادها. أَسْفَلَ مِنْكُمْ في مكان أسفل من مكانكم يعني الساحل، وهو منصوب على الظرف واقع موقع الخبر والجملة حال من الظرف قبله، وفائدتها الدلالة على قوة العدو واستظهارهم بالركب وحرصهم على المقاتلة عنها وتوطين نفوسهم على أن لا يخلوا مراكزهم ويبذلوا منتهى جهدهم، وضعف شأن المسلمين والتياث أمرهم واستبعاد غلبتهم عادة، وكذا ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>