للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها عطف على قوله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى على مذهب من يجوز: في الدار زيد والحجرة عمرو، أو الَّذِينَ مبتدأ، والخبر جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها على تقدير: وجزاء الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، أي أن تجازى سيئة بسيئة مثلها لا يزاد عليها، وفيه تنبيه على أن الزيادة هي الفضل أو التضعيف أو كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ، أو أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ وما بينهما اعتراض ف جَزاءُ سَيِّئَةٍ مبتدأ خبره محذوف أي فجزاء سيئة بمثلها واقع، أو بمثلها على زيادة الباء أو تقدير مقدر بمثلها. وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وقرئ بالياء. مَّا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ ما من أحد يعصمهم من سخط الله، أو من جهة الله ومن عنده كما يكون للمؤمنين. كَأَنَّما أُغْشِيَتْ غطيت. وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً لفرط سوادها وظلمتها ومظلماً حال من الليل والعامل فيه أُغْشِيَتْ لأنه العامل في قِطَعاً وهو موصوف بالجار والمجرور، والعامل في الموصوف عامل في الصفة أو معنى الفعل في مِنَ اللَّيْلِ. وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب قِطَعاً بالسكون فعلى هذا يصح أن يكون مُظْلِماً صفة له أو حالاً منه. أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ مما يحتج به الوعيدية. والجواب أن الآية في الكفار لاشتمال السيئات على الكفر والشرك ولأن الذين أحسنوا يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة فلا يتناولهم قسيمة.

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يعني الفريقين جميعاً. ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ ألزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم. أَنْتُمْ تأكيد للضمير المنتقل إليه من عامله. وَشُرَكاؤُكُمْ عطف عليه وقرئ بالنصب على المفعول معه. فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم. وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ مَّا كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ مجاز عن براءة ما عبدوه من عبادتهم فإنهم إنما عبدوا في الحقيقة أهواءهم لأنها الآمرة بالإِشراك لا ما أشركوا به. وقيل ينطق الله الأصنام فتشافههم بذلك مكان الشفاعة التي يتوقعون منها. وقيل المراد بالشركاء الملائكة والمسيح وقيل الشياطين.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]

فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)

فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فإنه العالم بكنه الحال. إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ إِنْ هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة. هُنالِكَ في ذلك المقام. تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ تختبر مَّا قَدَّمَتْ من عمل فتعاين نفعه وضره. وقرأ حمزة والكسائي «تتلو» من التلاوة أي تقرأ ذكر ما قدمت، أو من التلو أي تتبع عملها فيقودها إلى الجنة أو إلى النار. وقرئ «نبلو» بالنون ونصب كُلُّ وإبدال مَا منه والمعنى نختبرها أي نفعل بها فعل المختبر لحالها المتعرف لسعادتها وشقاوتها بتعرف ما أسلفت من أعمالها، ويجوز أن يراد به نصيب بالبلاء أي بالعذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر فتكون مَا منصوبة بنزع الخافض. وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ إلى جزائه إياهم بما أسلفوا. مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ربهم ومتولي أمرهم على الحقيقة لا ما اتخذوه مولى، وقرئ «الحق» بالنصب على المدح أو المصدر المؤكد. وَضَلَّ عَنْهُمْ وضاع عَنْهُمْ. مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ من أن آلهتهم تشفع لهم، أو ما كانوا يدعون أنها آلهة.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٣١ الى ٣٢]

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢)

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي منهما جميعاً فإن الأرزاق تحصل بأسباب سماوية ومواد أرضية أو مَنْ كل واحد منهما توسعة عليكم. وقيل من لبيان من على حذف المضاف أي من أهل السماء

<<  <  ج: ص:  >  >>