للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما ليدلهم على تفرده باستحقاق العبادة، وإنما قال مُبْصِراً ولم يقل لتبصروا فيه تفرقة بين الظرف المجرد والظرف الذي هو سبب. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ سماع تدبر واعتبار.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٦٨]]

قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (٦٨)

قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً أي تبناه. سُبْحانَهُ تنزيه له عن التبني فإنه لا يصح إلا ممن يتصور له الولد وتعجب من كلمتهم الحمقاء. هُوَ الْغَنِيُّ علة لتنزيهه فإن اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة. لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ تقرير لغناه. إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا نفي لمعارض ما أقامه من البرهان مبالغة في تجهيلهم وتحقيقاً لبطلان قولهم، وبِهذا متعلق ب سُلْطانٍ أو نعت لَهُ أو ب عِنْدَكُمْ كأنه قيل:

إن عندكم في هذا من سلطان. أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم. وفيه دليل على أن كل قول لا دليل عليه فهو جهالة وأن العقائد لا بد لها من قاطع وأن التقليد فيها غير سائغ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٩ الى ٧٠]

قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)

قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ باتخاذ الولد وإضافة الشريك إليه. لاَ يُفْلِحُونَ لا ينجون من النار ولا يفوزون بالجنة.

مَتاعٌ فِي الدُّنْيا خبر مبتدأ محذوف أي افتراؤهم متاع في الدنيا يقيمون به رئاستهم في الكفر أو حياتهم أو تقلبهم، مَتاعٌ مبتدأ خبره محذوف أي لهم تمتع في الدنيا. ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ بالموت فيلقون الشقاء المؤبد. ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ بسبب كفرهم.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٧١]]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١)

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ خبره مع قومه. إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ عظم عليكم وشق.

مَقامِي نفسي كقولك فعلت كذا لمكان فلان، أو كوني وإقامتي بينكم مدة مديدة أو قيامي على الدعوة.

وَتَذْكِيرِي إياكم. بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ وثقت به. فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ فأعزموا عليه.

وَشُرَكاءَكُمْ أي مع شركائكم ويؤيده القراءة بالرفع عطفاً على الضمير المتصل، وجاز من غير أن يؤكد للفصل وقيل إنه معطوف على أَمْرَكُمْ بحذف المضاف أي وأمر شركائكم. وقيل إنه منصوب بفعل محذوف تقديره وادعوا شركاءكم وقد قرئ به، وعن نافع فَأَجْمِعُوا من الجمع، والمعنى أمرهم بالعزم أو الاجتماع على قصده والسعي في إهلاكه على أي وجه يمكنهم ثقة بالله وقلة مبالاة بهم. ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ في قصدي. عَلَيْكُمْ غُمَّةً مستوراً واجعلوه ظاهراً مكشوفاً، من غمه إذا ستره أو ثم لا يكن حالكم عليكم غماً إذا أهلكتموني وتخلصتم من ثقل مقامي وتذكيري. ثُمَّ اقْضُوا أدوا. إِلَيَّ ذلك الأمر الذي تريدون بي، وقرئ «ثم أفضوا إليَّ» بالفاء أي انتهوا إلي بشركم أو ابرزوا إلي، من أفضى إذا خرج إلى الفضاء. وَلا تُنْظِرُونِ ولا تمهلوني.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>