للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ استئناف وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يُضَّعف بالتشديد. مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ لتصامهم عن الحق وبغضهم له. وَما كانُوا يُبْصِرُونَ لتعاميهم عن آيات الله، وكأنه العلة لمضاعفة العذاب.

وقيل هو بيان ما نفاه من ولاية الآلهة بقوله: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ فإن ما لا يسمع ولا يبصر لا يصلح للولاية وقوله: يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ اعتراض.

أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ

باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله تعالى وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ

من الآلهة وشفاعتها، أو خسروا بما بدلوا وضاع عنهم ما حصلوا فلم يبق معهم سوى الحسرة والندامة. لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ لا أحد أبين وأكثر خسراناً منهم.

[سورة هود (١١) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ اطمأنوا إليه وخشعوا له من الخبت وهو الأرض المطمئنة. أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون.

مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ الكافر والمؤمن. كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ يجوز أن يراد به تشبيه الكافر بالأعمى لتعاميه عن آيات الله، وبالأصم لتصامه عن إسماع كلام الله تعالى وتأبيه عن تدبر معانيه، وتشبيه المؤمن بالسميع والبصير لأن أمره بالضد فيكون كل واحد منهما مشبهاً باثنين باعتبار وصفين، أو تشبيه الكافر بالجامع بين العمى والصمم والمؤمن بالجامع بين ضديهما والعاطف لعطف الصفة على الصفة كقوله:

الصّائح فالغانم فالآئب وهذا من باب اللف والطباق. هَلْ يَسْتَوِيانِ هل يستوي الفريقان. مَثَلًا أي تمثيلاً أو صفة أو حالاً. أَفَلا تَذَكَّرُونَ بضرب الأمثال والتأمل فيها.

[سورة هود (١١) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ بأني لكم. قرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة بالكسر على إرادة القول. نَذِيرٌ مُبِينٌ أبين لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص.

أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بدل من إِنِّي لَكُمْ، أو مفعول مبين، ويجوز أن تكون أن مفسرة متعلقة ب أَرْسَلْنا أو ب نَذِيرٌ. إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ مؤلم وهو في الحقيقة صفة المعذب لكن يوصف به العذاب وزمانه على طريقة جد جده ونهاره صائم للمبالغة.

[[سورة هود (١١) : آية ٢٧]]

فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧)

فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا لا مزية لك علينا تخصك بالنبوة ووجوب الطاعة. وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا أخساؤنا جمع أرذل فإنه بالغلبة صار مثل الاسم كالأكبر، أو أرذل جمع رذل. بادِيَ الرَّأْيِ ظاهر الرأي من غير تعمق من البدو، أو أول الرأي من البدء، والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها. وقرأ أبو عمرو بالهمزة وانتصابه بالظرف على حذف المضاف أي: وقت حدوث بادي الرأي، والعامل فيه اتَّبَعَكَ. وإنما استرذلوهم لذلك أو لفقرهم فإنهم لما لم يعلموا إلا ظاهراً من

<<  <  ج: ص:  >  >>