للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شأن ولده أو استفسار المانع للانجاز في حقه، وإنما سماه جهلاً وزجر عنه بقوله: إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ لأن استثناء من سبق عليه القول من أهله قد دله على الحال وأغناه عن السؤال، لكن أشغله حب الولد عنه حتى اشتبه عليه الأمر. وقرأ ابن كثير بفتح اللام والنون الشديدة وكذلك نافع وابن عامر غير أنهما كسرا النون على أن أصله تسألنني فحذفت نون الوقاية لاجتماع النونات وكسرت الشديدة للياء، ثم حذفت اكتفاء بالكسرة وعن نافع برواية رويس إثباتها في الوصل.

[سورة هود (١١) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]

قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨)

قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ فيما يستقبل. مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ما لا علم لي بصحته. وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وإن لم تغفر لي ما فرط مني في السؤال. وَتَرْحَمْنِي بالتوبة والتفضل علي. أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ أعمالاً.

قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا انزل من السفينة مسلماً من المكاره من جهتنا أو مسلماً عليك. وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ ومباركاً عليك أو زيادات في نسلك حتى تصير آدما ثانيا. وقرئ «اهبط» بالضم «وبركة» على التوحيد وهو الخير النامي. وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وعلى أمم هم الذين معك، سموا أمماً لتحزبهم أو لتشعب الأمم منهم، أو وعلى أمم ناشئة ممن معك والمراد بهم المؤمنون لقوله: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ أي وممن معك أمم سنمتعهم في الدنيا. ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة والمراد بهم الكفار من ذرية من معه. وقيل هم قوم هود وصالح ولوط وشعيب، والعذاب ما نزل بهم.

[[سورة هود (١١) : آية ٤٩]]

تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)

تِلْكَ إشارة إلى قصة نوح ومحلها الرفع بالابتداء وخبرها: مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أي بعضها. نُوحِيها إِلَيْكَ خبر ثان والضمير لها أي موحاة إليك، أو حال من ال أَنْباءِ أو هو الخبر ومِنْ أَنْباءِ متعلق به أو حال من الهاء في نُوحِيها. مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا خبر آخر أي مجهولة عندك وعند قومك من قبل ايحائنا إليك، أو حال من الهاء في نوحيها أو الكاف في إِلَيْكَ أي: جاهلاً أنت وقومك بها، وفي ذكرهم تنبيه على أنه لم يتعلمها إذ لم يخالط غيرهم وأنهم مع كثرتهم لما لم يسمعوها فكيف بواحد منهم. فَاصْبِرْ على مشاق الرسالة وأذية القوم كما صبر نوح. إِنَّ الْعاقِبَةَ في الدنيا بالظفر وفي الآخرة بالفوز. لِلْمُتَّقِينَ عن الشرك والمعاصي.

[سورة هود (١١) : الآيات ٥٠ الى ٥١]

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١)

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً عطف على قوله نُوحاً إِلى قَوْمِهِ وهُوداً عطف بيان قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده. ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وقرئ بالجر حملاً على المجرور وحده. إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ على الله باتخاذ الأوثان شركاء وجعلها شفعاء.

يا قَوْمِ لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي خاطب كل رسول به قومه إزاحة للتهمة

<<  <  ج: ص:  >  >>