للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجازيكم عليه، وهو في معنى التعليل للأمر والنهي. وفي الآية دليل على وجوب اتباع النصوص من غير تصرف وانحراف بنحو قياس واستحسان.

[[سورة هود (١١) : آية ١١٣]]

وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣)

وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ولا تميلوا إليهم أدنى ميل فإن الركون هو الميل اليسير كالتزيي بزيهم وتعظيم ذكرهم واستدامته. فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ بركونكم إليهم وإذا كان الركون إلى من وجد منه ما يسمى ظلماً كذلك فما ظنك بالركون إلى الظالمين أي الموسومين بالظلم، ثم بالميل إليهم كل الميل، ثم بالظلم نفسه والانهماك فيه، ولعل الآية أبلغ ما يتصور في النهي عن الظلم والتهديد عليه، وخطاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومن معه من المؤمنين بها للتثبيت على الاستقامة التي هي العدل، فإن الزوال عنها بالميل إلى أحد طرفي إفراط وتفريط فإنه ظلم على نفسه أو غيره بل ظلم في نفسه. وقرئ «تِرْكَنُواْ» «فَتِمَسَّكُمُ» بكسر التاء على لغة تميم و «تَرْكَنُواْ» على البناء للمفعول من أركنه. وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ من أنصار يمنعون العذاب عنكم والواو للحال. ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ أي ثم لا ينصركم الله إذ سبق في حكمه أن يعذبكم ولا يبقي عليكم، وثم لاستبعاد نصره إياهم وقد أوعدهم بالعذاب عليه وأوجبه لهم، ويجوز أن يكون منزلاً منزلة الفاء لمعنى الاستبعاد، فإنه لما بين أن الله معذبهم وأن غيره لا يقدر على نصرهم أنتج ذلك أنهم لا ينصرون أصلا.

[سورة هود (١١) : الآيات ١١٤ الى ١١٥]

وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥)

وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ غدوة وعشية وانتصابه على الظرف لأنه مضاف إليه. وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ وساعات منه قريبة من النهار، فإنه من أزلفه إذا قربه وهو جمع زلفة، وصلاة الغداة صلاة الصبح لأنها أقرب الصلاة من أول النهار، وصلاة العشية صلاة العصر، وقيل الظهر والعصر لأن ما بعد الزوال عشي وصلاة الزلف المغرب والعشاء. وقرئ «زُلُفا» بضمتين وضمة وسكون كبسر وبسر في بسرة و «زلفى» بمعنى زلفة كقربي وقربة. إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ يكفرنها.

وفي الحديث «إن الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر»

وفي سبب النزول

«أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال إني قد أصبت من امرأة غير أني لم آتها فنزلت» .

ذلِكَ إشارة إلى قوله فَاسْتَقِمْ وما بعده وقيل إلى القرآن. ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ عظة للمتعظين.

وَاصْبِرْ على الطاعات وعن المعاصي. فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ عدول عن الضمير ليكون كالبرهان على المقصود ودليلاً على أن الصلاة والصبر إحسان وإيماء بأنه لا يعتد بهما دون الإخلاص.

[سورة هود (١١) : الآيات ١١٦ الى ١١٧]

فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧)

فَلَوْلا كانَ فهلا كان. مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ من الرأي والعقل، أو أولو فضل وإنما سمي بَقِيَّةٍ لأن الرجل يستبقي أفضل ما يخرجه، ومنه يقال فلان من بقية القوم أي من خيارهم، ويجوز أن يكون مصدراً كالتقية أي ذوو إبقاء على أنفسهم وصيانة لها من العذاب، ويؤيده أنه قرئ «بقية» وهي المرة

<<  <  ج: ص:  >  >>