للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بضع من المال للتجارة. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ لم يخف عليه أسرارهم أو صنيع إخوة يوسف بأبيهم وأخيهم.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٠]]

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)

وَشَرَوْهُ وباعوه، وفي مرجع الضمير الوجهان أو اشتروه من اخوته. بِثَمَنٍ بَخْسٍ مبخوس لزيفه أو نقصانه. دَراهِمَ بدل من الثمن. مَعْدُودَةٍ قليلة فإنهم يزنون ما بلغ الأوقية ويعدون ما دونها. قيل كان عشرين درهماً وقيل كان اثنين وعشرين درهماً. وَكانُوا فِيهِ في يوسف. مِنَ الزَّاهِدِينَ الراغبين عنه والضمير في وَكانُوا إن كان للإِخوة فظاهر وإن كان للرفقة وكانوا بائعين فزهدهم فيه، لأنهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به خائف من انتزاعه مستعجل في بيعه، وإن كانوا مبتاعين فلأنهم اعتقدوا أنه آبق وفيه متعلق بالزاهدين إن جعل اللام للتعريف، وإن جعل بمعنى الذي فهو متعلق بمحذوف يبينه الزَّاهِدِينَ لأن متعلق الصلة لا يتقدم على الموصول.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢١]]

وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٢١)

وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر واسمه قطفير أو إطفير، وكان الملك يومئذ ريان بن الوليد العمليقي وقد آمن بيوسف عليه السلام ومات في حياته. وقيل كان فرعون موسى عاش أربعمائة سنة بدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ. والمشهور أنه من أولاد فرعون يوسف. والآية من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء.

روي: أنه اشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة ولبث في منزله ثلاث عشرة سنة واستوزره الريان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة.

واختلف فيما اشتراه به من جعل شراءه به غير الأول: عشرون ديناراً وزوجا نعل وثوبان أبيضان. وقيل ملؤه فضة وقيل ذهباً. لِامْرَأَتِهِ راعيل أو زليخا. أَكْرِمِي مَثْواهُ اجعلي مقامه عندنا كريماً أي حسناً والمعنى أحسني تعهده. عَسى أَنْ يَنْفَعَنا في ضياعنا وأموالنا ونستظهر به في مصالحنا. أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً نتبناه وكان عقيماً لما تفرس فيه من الرشد، ولذلك قيل: أفرس الناس ثلاثة عزيز مصر، وابنة شعيب التي قالت يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ، وأبو بكر حين استخلف عمر رضي الله تعالى عنهما. وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وكما مكنا محبته في قلب العزيز أو كما مكناه في منزله أو كما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز مكنا له فيها. وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ عطف على مضمر تقديره ليتصرف فيها بالعدل ولنعلمه أي كان القصد في إنجائه وتمكينه إلى أن يقيم العدل ويدبر أمور الناس، ويعلم معاني كتب الله تعالى وأحكامه فينفذها، أو تعبير المنامات المنبهة على الحوادث الكائنة ليستعد لها ويشتغل بتدبيرها قبل أن تحل كما فعل لسنيه. وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ لا يرده شيء ولا ينازعه فيما يشاء أو على أمر يوسف أراد به إخوته شيئاً وأراد الله غيره فلم يكن إلا ما أراده. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ أن الأمر كله بيده، أو لطائف صنعه وخفايا لطفه.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٢]]

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ منتهى اشتداد جسمه وقوته وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين والأربعين، وقيل سن الشباب ومبدؤه بلوغ الحلم. آتَيْناهُ حُكْماً حكمة وهو العلم المؤيد بالعمل، أو حكماً بين الناس.

وَعِلْماً يعني علم تأويل الأحاديث. وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ تنبيه على أنه تعالى إنما آتاه ذلك جزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>