للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وركبات. وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ مع ظلمهم أنفسهم، ومحله النصب على الحال والعامل فيه المغفرة والتقييد به دليل على جواز العفو قبل التوبة، فإن التائب ليس على ظلمه، ومن منع ذلك خص الظلم بالصغائر المكفرة لمجتنب الكبائر، أو أول المغفرة بالستر والإِمهال. وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ للكفار أو لمن شاء،

وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأ أحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد» .

[[سورة الرعد (١٣) : آية ٧]]

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧)

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة عليه واقتراحاً لنحو ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلام. إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ مرسل للإنذار كغيرك من الرسل وما عليك إلا الإِتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك. وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ نبي مخصوص بمعجزات من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم إلى الحق ويدعوهم إلى الصواب، أو قادر على هدايتهم وهو الله تعالى لكن لا يهدي إلا من يشاء هدايته بما ينزل عليك من الآيات. ثم أردف ذلك بما يدل على كمال علمه وقدرته وشمول قضائه وقدره، تنبيهاً على أنه تعالى قادر على إنزال ما اقترحوه وإنما لم ينزل لعلمه بأن اقتراحهم للعناد دون الاسترشاد، وأنه قادر على هدايتهم وإنما لم يهدهم لسبق قضائه بالكفر فقال:

[[سورة الرعد (١٣) : آية ٨]]

اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨)

اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى أي حملها أو ما تحمله على أي حال هو من الأحوال الحاضرة والمترقبة. وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وما تنقصه وما تزداده في الجنة والمدة والعدد، وأقصى مدة الحمل أربع سنين عندنا وخمس عند مالك وسنتان عند أبي حنيفة.

روي أن الضحاك ولد لسنتين وهرم بن حيان لأربع سنين وأعلى عدده لا حد له.

وقيل نهاية ما عرف به أربعة وإليه ذهب أبو حنيفة رضي الله عنه، وقال الشافعي رحمه الله أخبرني شيخ باليمن أن امرأته ولدت بطوناً في كل بطن خمسة. وقيل المراد نقصان دم الحيض وازدياده، وغاض جاء متعدياً ولازماً وكذا ازداد قال تعالى: وَازْدَادُوا تِسْعاً فإن جعلتهما لازمين تعين إما أن تكون مصدرية. وإسنادهما إلى الأرحام على المجاز فإنهما لله تعالى أو لما فيها. وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ بقدر لا يجاوزه ولا ينقص عنه كقوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ فإنه تعالى خص كل حادث بوقت وحال معينين، وهيأ له أسبابا مسوقة إليه تقتضي ذلك. وقرأ ابن كثير هادٍ ووالٍ وو واقٍ

وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ بالتنوين في الوصل فإذا وقف وقف بالياء في هذه الأحرف الأربعة حيث وقعت لا غير، والباقون يصلون بالتنوين ويقفون بغير ياء.

[[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٩ إلى ١٠]]

عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠)

عالِمُ الْغَيْبِ الغائب عن الحس. وَالشَّهادَةِ الحاضر له. الْكَبِيرُ العظيم الشأن الذي لا يخرج عن علمه شيء. الْمُتَعالِ المستعلي على كل شيء بقدرته، أو الذي كبر عن نعت المخلوقين وتعالى عنه.

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ في نفسه. وَمَنْ جَهَرَ بِهِ لغيره. وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ طالب للخفاء في مختبأ بالليل. وَسارِبٌ بارز. بِالنَّهارِ يراه كل أحد من سرب سروباً إذا برز، وهو عطف على من أو مستخف على أَن من في معنى الإثنين كقوله:

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

<<  <  ج: ص:  >  >>