للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ وقرأ حمزة بالياء. وقرئ بإدغام التاء في التاء وموضع الموصول يحتمل الأوجه الثلاثة ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ بأن عرضوها للعذاب المخلد. فَأَلْقَوُا السَّلَمَ فسالموا وأخبتوا حين عاينوا الموت. مَا كُنَّا قائلين ما كنا. نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ كفر وعدوان، ويجوز أن يكون تفسيراً ل السَّلَمَ على أن المراد به القول الدال على الاستسلام. بَلى أي فتجيبهم الملائكة بلى. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فهو يجازيكم عليه، وقيل قوله: فَأَلْقَوُا السَّلَمَ إلى آخر الآية استئناف ورجوع إلى شرح حالهم يوم القيامة، وعلى هذا أول من لم يجوز الكذب يومئذ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بأنا لم نكن في زعمنا واعتقادنا عاملين سوءا، واحتمل أن يكون الراد عليهم هو الله تعالى، أو أولوا العلم.

فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ كل صنف بابها المعد له. وقيل أبواب جهنم أصناف عذابها. خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ جهنم.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٣٠]]

وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠)

وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا يعني المؤمنين. مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً أي أنزل خيراً، وفي نصبه دليل على أنهم لم يتلعثموا في الجواب، وأطبقوه على السؤال معترفين بالإِنزال على خلاف الكفرة.

روي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا جاء الوافد من المقتسمين قالوا له ما قالوا وإذا جاء المؤمنين قالوا له ذلك.

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ مكافأة في الدنيا. وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ أي ولثوابهم في الآخرة خير منها، وهو عدة للذين اتقوا على قولهم، ويجوز أن يكون بما بعده حكاية لقولهم بدلاً وتفسيراً ل خَيْراً على أنه منتصب ب قالُوا. وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ دار الآخرة فحذفت لتقدم ذكرها.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٣١]]

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها مَا يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١)

وقولِه: جَنَّاتُ عَدْنٍ خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون المخصوص بالمدح. يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ من أنواع المشتهيات، وفي تقديم الظرف تنبيه على أن الإِنسان لا يجد جميع ما يريده إلا في الجنة. كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ مثل هذا الجزاء يجزيهم وهو يؤيد الوجه الأول.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٣٢]]

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي لأنه في مقابلة ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ. وقيل فرحين ببشارة الملائكة إياهم بالجنة، أو طيبين بقبض أرواحهم لتوجه نفوسهم بالكلية إلى حضرة القدس. يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يحيقكم بعد مكروه. ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حين تبعثون فإنها معدة لكم على أعمالكم. وقيل هذا التوفي وفاة الحشر لأن الأمر بالدخول حينئذ.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>