للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فاقد الحاسة. وقيل الثاني للتفضيل من عمي بقلبه كالأجهل والأبله ولذلك لم يمله أبو عمرو ويعقوب، فإن أفعل التفضيل تمامه بمن فكانت ألفه في حكم المتوسطة كما في أعمالكم بخلاف النعت، فإن ألفه واقعة في الطرف لفظاً وحكماً فكانت معرضة للامالة من حيث إنها تصير ياء في التثنية، وقد أمالهما حمزة والكسائي وأبو بكر، وقرأ ورش بين بين فيهما.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٧٣]]

وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣)

وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ نزلت في ثقيف قالوا لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب لا نعشر ولا نحشر ولا نجبى في صلاتنا، وكل رباً لنا فهو لنا وكل رباً علينا فهو موضوع عنا، وأن تمتعنا باللات سنة وأن تحرم وادينا كما حرمت مكة، فإن قالت العرب لم فعلت ذلك فقل إن الله أمرني.

وقيل في قريش قالوا لا نمكنك من استلام الحجر حتى تلم بآلهتنا وتمسها بيدك. وإن هي المخففة واللام هي الفارقة والمعنى: أن الشأن قاربوا بمبالغتهم أن يوقعوك في الفتنة بالاستنزال. عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من الأحكام لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ غير ما أوحينا إليك. وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك بافتتانك ولياً لهم بريئاً من ولايتي.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]

وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥)

وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ ولولا تثبيتنا إياك. لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا لقاربت أن تميل إلى اتباع مرادهم، والمعنى أنك كنت على صدد الركون إليهم لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتك عصمتنا فمنعت أن تقرب من الركون فضلاً أن تركن إليهم، وهو صريح في أنه عليه الصلاة والسلام ما هَمَّ بإجابتهم مع قوة الدواعي إليها، ودليل على أن العصمة بتوفيق الله وحفظه.

إِذاً لَأَذَقْناكَ أي لو قاربت لأذقناك. ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ أي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما نعذب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لأن خطأ الخطير أخطر، وكان أصل الكلام عذاباً ضعفاً في الحياة وعذاباً ضعفاً في الممات بمعنى مضاعفاً، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، ثم أضيفت كما يضاف موصوفها. وقيل الضعف من أسماء العذاب. وقيل المراد ب ضِعْفَ الْحَياةِ عذاب الآخرة وَضِعْفَ الْمَماتِ عذاب القبر. ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً يدفع العذاب عنك.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٦ الى ٧٧]

وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧)

وَإِنْ كادُوا وإن كاد أهل مكة. لَيَسْتَفِزُّونَكَ ليزعجوك بمعاداتهم. مِنَ الْأَرْضِ أرض مكة.

لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ ولو خرجت لا يبقون بعد خروجك. إِلَّا قَلِيلًا إلا زماناً قليلاً، وقد كان كذلك فإنهم أهلكوا ببدر بعد هجرته بسنة. وقيل الآية: نزلت في اليهود حسدوا مقام النبي بالمدينة فقالوا: الشام مقام الأنبياء فإن كنت نبياً فالحق بها حتى نؤمن بك، فوقع ذلك في قلبه فخرج مرحلة فنزلت، فرجع ثم قتل منهم بنو قريظة وأجلي بنو النضير بقليل. وقرئ «لا يلبثوا» منصوباً ب إِذاً على أنه معطوف على جملة قوله: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ لا على خبر كاد فإن إذا لا تعمل إذا كان معتمد ما بعدها على ما قبلها وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب وحفص خِلافَكَ وهو لغة فيه قَالَ الشاعر:

عفت الدَّيَار خِلافَهُمْ فَكَأَنَّمَا ... بسط الشَّوَاطِبَ بَيْنَهُنَّ حَصِيراً

<<  <  ج: ص:  >  >>