للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ وكما أنمناهم وبعثناهم لتزداد بصيرتهم أطلعنا عليهم. لِيَعْلَمُوا ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم. أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث أو الموعود الذي هو البعث. حَقٌّ لأن نومهم وانتباهم كحال من يموت ثم يبعث. وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيها وأن القيامة لا ريب في إمكانها، فإن من توفى نفوسهم وأمسكها ثلاثمائة سنين حافظاً أبدانها عن التحلل والتفتت، ثم أرسلها إليها قدر أن يتوفى نفوس جميع الناس ممسكاً إياها إلى أن يحشر أبدانهم فيردها عليها. إِذْ يَتَنازَعُونَ ظرف ل أَعْثَرْنا أي أعثرنا عليهم حين يتنازعون. بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ أمر دينهم، وكان بعضهم يقول تبعث الأرواح مجردة وبعضهم يقول يبعثان معاً ليرتفع الخلاف ويتبين أنهما يبعثان معاً، أو أمر الفتية حين أماتهم الله ثانياً بالموت فقال بعضهم، ماتوا وقال آخرون ناموا نومهم أول مرة، أو قالت طائفة نبني عليهم بنياناً يسكنه الناس ويتخذونه قرية، وقال آخرون لنتخذن عليهم مسجداً يصلى فيه كما قال تعالى: فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً وقوله رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ اعتراض إما من الله رداً على الخائضين في أمرهم من أولئك المتنازعين أو من المتنازعين في زمانهم، أو من المتنازعين فيهم على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من المتنازعين للرد إلى الله بعد ما تذكروا أمرهم وتناقلوا الكلام في أنسابهم وأحوالهم فلم يتحقق لهم ذلك.

حكي أن المبعوث لما دخل السوق وأخرج الدراهم وكان عليها اسم دقيانوس اتهموه بأنه وجد كنزاً فذهبوا به إلى الملك. وكان نصرانياً موحداً. فقص عليه القصص، فقال بعضهم: إن آباءنا أخبرونا أن فتية فروا بدينهم من دقيانوس فلعلهم هؤلاء، فانطلق الملك وأهل المدينة من مؤمن وكافر وأبصروهم وكلموهم، ثم قالت الفتية للملك نستودعك الله ونعيذك به من شر الجن والإِنس ثم رجعوا إلى مضاجعهم فماتوا فدفنهم الملك في الكهف وبني عليهم مسجداً. وقيل لما انتهوا إلى الكهف قال لهم الفتى مكانكم حتى أدخل أولاً لئلا يفزعوا، فدخل فعمي عليهم المدخل فبنوا ثم مسجدا.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٢]]

سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢)

سَيَقُولُونَ أي الخائضون في قصتهم في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أهل الكتاب والمؤمنين. ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ أي هم ثلاثة رجال يربعهم كلبهم بانضمامه إليهم. قيل هو قول اليهود وقيل هو قول السيد من نصارى نجران وكان يعقوبياً. وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ قاله النصارى أو العاقب منهم وكان نسطورياً. رَجْماً بِالْغَيْبِ يرمون رمياً بالخبر الخفي الذي لا مطلع لهم عليه وإتياناً به، أو ظناً بالغيب من قولهم رجم بالظن إذا ظن وإنما لم يذكر بالسين اكتفاء بعطفه على ما هو فيه. وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ إنما قاله المسلمون بإخبار الرسول لهم عن جبريل عليهما الصلاة والسلام وإيماء الله تعالى إليه بأن أتبعه قوله قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ وأتبع الأولين قوله رجماً بالغيب وبأن أثبت العلم بهم لطائفة بعد ما حصر أقوال الطوائف في الثلاثة المذكورة، فإن عدم إيراد رابع في نحو هذا المحل دليل العدم مع أن الأصل ينفيه، ثم رد الأولين بأن أتبعهما قوله رَجْماً بِالْغَيْبِ ليتعين الثالث وبأن أدخل فيه الواو على الجملة الواقعة صفة للنكرة تشبيهاً لها بالواقعة حالاً من المعرفة، لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت.

وعن علي رضي الله عنه هم سبعة وثامنهم كلبهم وأسماؤهم: يمليخا ومكشلينيا

<<  <  ج: ص:  >  >>