للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هيأنا. لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها فسطاطها، شبه به ما يحيط بهم من النار. وقيل السرادق الحجرة التي تكون حول الفسطاط. وقيل سرادقها دخانها وقيل حائط من نار وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا من العطش. يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ كالجسد المذاب. وقيل كدرديّ الزيت وهو على طريقة قوله: فأعتبوا بالصيلم. يَشْوِي الْوُجُوهَ إذا قدم ليشرب من فرط حرارته، وهو صفة ثانية لماء أو حال من المهل أو الضمير في الكاف.

بِئْسَ الشَّرابُ المهل. وَساءَتْ النار. مُرْتَفَقاً متكأ وأصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخد، وهو لمقابلة قوله وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً وإلا فلا ارتفاق لأهل النار.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٣٠]]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا خبر إن الأولى هي الثانية بما في حيزها، والراجع محذوف تقديره من أحسن عملاً منهم أو مستغنى عنه بعموم من أحسن عملاً كما هو مستغنى عنه في قولك: نعم الرجل زيد، أو واقع موقعه الظاهر فإن من أحسن عملاً لا يحسن اطلاقه على الحقيقة إلا على الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٣١]]

أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١)

أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وما بينهما اعتراض وعلى الأول استئناف لبيان الأجر أو خبر ثان. يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ الأولى للابتداء والثانية للبيان صفة ل أَساوِرَ، وتنكيره لتعظيم حسنها من الإِحاطة به وهو جمع أسورة أو أسوار في جمع سوار. وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً لأن الخضرة أحسن الألوان وأكثرها طراوة. مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ نمارق من الديباج وما غلظ منه جمع بين النوعين للدلالة على أن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ على السرر كما هو هيئة المتنعمين. نِعْمَ الثَّوابُ الجنة ونعيمها. وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً متكأ.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٣٢]]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢)

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا للكافر والمؤمن. رَجُلَيْنِ حال رجلين مقدرين أو موجودين هما أخوان من بني إسرائيل كافر اسمه قطروس ومؤمن اسمه يهوذا، ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فتشاطرا، فاشترى الكافر بها ضياعاً وعقاراً وصرفها المؤمن في وجوه الخير، وآل أمرهما إلى ما حكاه الله تعالى. وقيل الممثل بهما أخوان من بني مخزوم كافر وهو الأسود بن عبد الأشد ومؤمن وهو أبو سلمة عبد الله زوج أم سلمة قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ بستانين. مِنْ أَعْنابٍ من كروم والجملة بتمامها بيان للتمثيل أو صفة للرجلين. وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وجعلنا النخل محيطة بهما مؤزراً بها كرومهما، يقال حفه القوم إذا أطافوا به وحففته بهم إذا جعلتهم حافين حوله فتزيده الباء مفعولاً ثانياً كقولك: غشيته به. وَجَعَلْنا بَيْنَهُما وسطهما.

زَرْعاً ليكون كل منهما جامعاً للأقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والترتيب الأنيق.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]

كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤)

كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها ثمرها، وإفراد الضمير لإِفراد كِلْتَا وقرئ «كل الجنتين آتى أكله» . وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>