للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث، أو الوقت أي هذا الاعتراض سبب فراقنا أو هذا الوقت وقته، وإضافة الفراق إلى البين إضافة المصدر إلى الظرف على الاتساع، وقد قرئ على الأصل. سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً بالخبر الباطن فيما لم تستطع الصبر عليه لكونه منكراً من حيث الظاهر.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٧٩]]

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩)

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ لمحاويج، وهو دليل على أن المسكين يطلق على من يملك شيئاً إذا لم يكفه. وقيل سموا مساكين لعجزهم عن دفع الملك أو لزمانتهم فإنها كانت لعشرة إخوة خمسة زمني وخمسة يعملون في البحر. فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها أن أجعلها ذات عيب. وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ قدامهم أو خلفهم وكان رجوعهم عليه، واسمه جلندى بن كركر، وقيل منوار بن جلندي الأزدي. يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً من أصحابها. وكان حق النظم أن يتأخر قوله فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها عن قوله وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ لأن إرادة التعيب مسببة عن خوف الغصب وإنما قدم للعناية أو لأن السبب لما كان مجموع الأمرين خوف الغصب ومسكنة الملاك رتبه على أقوى الجزأين وأدعاهما وعقبه بالآخر على سبيل التقييد والتتميم، وقرئ «كل سفينة صالحة» والمعنى عليها.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٨٠ الى ٨١]

وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١)

وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما أن يغشيهما. طُغْياناً وَكُفْراً لنعمتهما بعقوقه فيلحقهما شراً، أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر، أو يعديهما بعلته فيرتدا بإضلاله، أو بممالأته على طغيانه وكفره حبّا له. وإنما خشي ذلك لأن الله تعالى أعلمه. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن نجدة الحروري كتب إليه كيف قتله وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتل الولدان، فكتب إليه إن كنت علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل. وقرئ «فخاف ربك» أي فكره كراهة من خاف سوء عاقبته، ويجوز أن يكون قوله فَخَشِينا حكاية قول الله عز وجل.

فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ أن يرزقهما ولدا خيرا منه. زَكاةً طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة. وَأَقْرَبَ رُحْماً رحمة وعطفاً على والديه. قيل ولدت لهما جارية فتزوجها نبي فولدت له نبياً هدى الله به أمة من الأمم، وقرأ نافع وأبو عمرو يُبْدِلَهُما بالتشديد وابن عامر ويعقوب وعاصم رُحْماً بالتخفيف، وانتصابه على التمييز والعامل اسم التفضيل وكذلك زَكاةً.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٨٢]]

وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢)

وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ قيل اسمهما أصرم وصريم، واسم المقتول جيسور.

وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما من ذهب وفضة، روي ذلك مرفوعاً والذم على كنزهما في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لمن لا يؤدي زكاتهما وما تعلق بهما من الحقوق. وقيل من كتب العلم. وقيل كان لوح من ذهب مكتوب فيه: عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب،

<<  <  ج: ص:  >  >>