للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزْناً

فنزدري بهم ولا نجعل لهم مقداراً واعتباراً، أو لا نضع لهم ميزاناً يوزن به أعمالهم لانحباطها.

ذلِكَ أي الأمر ذلك وقوله: جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملة مبينة له ويجوز أن يكون ذلِكَ مبتدأ والجملة خبره والعائد محذوف أي جزاؤهم به، أو جزاؤهم بدله وجَهَنَّمُ خبره أو جَزاؤُهُمْ خبره وجَهَنَّمُ عطف بيان للخبر. بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً أي بسبب ذلك.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٠٧ الى ١٠٨]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لاَ يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا فيما سبق من حكم الله ووعده، والْفِرْدَوْسِ أعلى درجات الجنة، وأصله البستان الذي يجمع الكرم والنخل.

خالِدِينَ فِيها حال مقدرة. لاَ يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا تحولاً إذ لا يجدون أطيب منها حتى تنازعهم إليه أنفسهم، ويجوز أن يراد به تأكيد الخلود.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ١٠٩]]

قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩)

قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً ما يكتب به، وهو اسم ما يمد الشيء كالحبر للدواة والسليط للسراج.

لِكَلِماتِ رَبِّي لكلمات علمه وحكمته. لَنَفِدَ الْبَحْرُ لنفد جنس البحر بأمره لأن كل جسم متناه. قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي فإنها غير متناهية لا تنفد كعلمه، وقرأ حمزة والكسائي بالياء. وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ بمثل البحر الموجود. مَدَداً زيادة ومعونة، لأن مجموع المتناهين متناه بل مجموع ما يدخل في الوجود من الأجسام لا يكون إلا متناهياً للدلائل القاطعة على تناهي الأبعاد، والمتناهي ينفد قبل أن ينفد غير المتناهي لا محالة.

وقرئ «ينفد» بالياء و «مَدَداً» بكسر الميم جمع مدة وهي ما يستمده الكاتب ومداداً. وسبب نزولها أن اليهود قالوا في كتابكم وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وتقرؤون وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ١١٠]]

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠)

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لا أدعي الإِحاطة على كلماته. يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وإنما تميزت عنكم بذلك. فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ يؤمل حسن لقائه أو يخاف سوء لقائه. فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً يرتضيه الله. وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً بأن يرائيه أو يطلب منه أجراً.

روي أن جندب بن زهير قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إني لأعمل العمل لله فإذا أطلع عليه سرني فقال: «إن الله لا يقبل ما شورك فيه» . فنزلت تصديقاً له وعنه عليه الصلاة والسلام «اتقوا الشرك الأصغر» قالوا وما الشرك الأصغر قال «الرياء» .

والآية جامعة لخلاصتي العلم والعمل وهما التوحيد والإِخلاص في الطاعة.

وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم «من قرأها عند مضجعه كان له نوراً في مضجعه يتلألأ إلى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم، فإن كان مضجعه بمكة كان له نوراً يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ» .

وعنه عليه الصلاة والسلام «من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نوراً من قرنه إلى قدمه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً من الأرض إلى السماء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>