للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى دخلت به. وقيل: أرسل بعض أتباعه فأزلهما، والعلم عند الله سبحانه وتعالى.

فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ أي من الكرامة والنعيم.

وَقُلْنَا اهْبِطُوا خطاب لآدم عليه الصلاة والسلام وحواء لقوله سبحانه وتعالى: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً. وجمع الضمير لأنهما أصلا الجنس فكأنهما الإنس كلهم. أو هما وإبليس أخرج منها ثانيا بعد ما كان يدخلها للوسوسة، أو دخلها مسارقة أو من السماء.

بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ حال استغني فيها عن الواو بالضمير، والمعنى متعادين يبغي بعضكم على بعض بتضليله.

وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ موضع استقرار، أو استقرارٍ.

وَمَتاعٌ تمتع. إِلى حِينٍ يريد به وقت الموت أو القيامة.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٧]]

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ استقبلها بالأخذ والقبول والعمل بها حين علمها. وقرأ ابن كثير بنصب آدَمُ ورفع الكلمات على أنها استقبلته وبلغته وهي قوله تعالى: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الآية، وقيل: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ ظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: يا رب ألم تخلقني بيدك، قال: بلى، قال: يا رب ألم تنفخ في الروح من روحك، قال: بلى، قال: يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك، قال: بلى، قال: ألم تسكني جنتك، قال: بلى، قال: يا رب إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة قال: نعم. وأصل الكلمة:

الكلم، وهو التأثير المدرك بإحدى الحاستين السمع والبصر كالكلام والجراحة والحركة.

فَتابَ عَلَيْهِ رجع عليه بالرحمة وقبول التوبة، وإنما رتبه بالفاء على تلقي الكلمات لتضمنه معنى التوبة: وهو الإعتراف بالذنب والندم عليه والعزم على أن لا يعود إليه. وأكتفي بذكر آدم لأن حواء كانت تبعاً له في الحكم ولذلك طوي ذكر النساء في أكثر القرآن والسنن.

إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرجاع على عباده بالمغفرة، أو الذي يكثر إعانتهم على التوبة، وأصل التوبة:

الرجوع، فإذا وصف بها العبد كان رجوعاً عن المعصية، وإذا وصف بها الباري تعالى أريد بها الرجوع عن العقوبة إلى المغفرة.

الرَّحِيمُ المبالغ في الرحمة، وفي الجمع بين الوصفين، وعد للتائب بالإحسان مع العفو.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٨]]

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً كرر للتأكيد، أو لاختلاف المقصود فإن الأول دل على أن هبوطهم إلى دار بلية يتعادون فيها ولا يخلدون، والثاني أشعر بأنهم أهبطوا للتكليف، فمن اهتدى الهدى نجا ومن ضله هلك، والتنبيه على أن مخافة الإهباط المقترن بأحد هذين الأمرين وحدها كافية للحازم أن تعوقه عن مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى، فكيف بالمقترن بهما، ولكنه نسي وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً، وأن كل واحد منهما كفى به نكالاً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ. وقيل الأول من الجنة إلى السماء الدنيا، والثاني منها إلى الأرض وهو كما ترى. وجَمِيعاً حال في اللفظ تأكيد في المعنى كأنه قيل: اهبطوا أنتم أجمعون، ولذلك لا يستدعي اجتماعهم على الهبوط في زمان واحد كقولك: جاءوا جميعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>