للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٩ الى ٨٠]

كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠)

كَلَّا ردع وتنبيه على أنه مخطئ فيما تصوره لنفسه. سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ سنظهر له أنا كتبنا قوله على طريقة قوله:

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة أي تبين أني لم تلدني لئيمة، أو سننتقم منه انتقام من كتب جريمة العدو وحفظها عليه فإن نفس الكتابة لا تتأخر عن القول لقوله تعالى: مَّا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا ونطول له من العذاب ما يستأهله، أو نزيد عذابه ونضاعفه له لكفره وافترائه واستهزائه على الله جلت عظمته، ولذلك أكده بالمصدر دلالة على فرط غضبه عليه. وَنَرِثُهُ بموته. مَا يَقُولُ يعني المال والولد. وَيَأْتِينا يوم القيامة. فَرْداً لا يصحبه مال ولا ولد كان له في الدنيا فضلاً أن يؤتى ثم زائداً وقيل فَرْداً رافضاً لهذا القول منفرداً عنه.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨١ الى ٨٢]

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ليتعززوا بهم حيث يكونون لهم وصلة إلى الله وشفعاء عنده.

كَلَّا ردع وإنكار لتعززهم بها. سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ستجحد الآلهة عبادتهم ويقولون ما عبدتمونا لقوله تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا أو سينكر الكفرة لسوء العاقبة أنهم عبدوها لقوله تعالى:

ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ. وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا يؤيد الأول إذا فسر الضد بضد العز، أي ويكونون عليهم ذلاً، أو بضدهم على معنى أنها تكون معونة في عذابهم بأن توقد بها نيرانهم، أو جعل الواو للكفرة أي يكونون كافرين بهم بعد أن كانوا يعبدونها وتوحيده لوحدة المعنى الذي به مضادتهم، فإنهم بذلك كالشيء الواحد ونظيره

قوله عليه الصلاة والسلام «وهم يد على من سواهم» .

وقرئ كَلَّا بالتنوين على قلب الألف نوناً في الوقف قلب ألف الإِطلاق في قوله:

أَقِلي اللَّوْمَ عَاذِلُ وَالعِتَابَنْ أو على معنى كل هذا الرأي كلا وكلا على إضمار فعل يفسره ما بعده أي سيجحدون كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨٣ الى ٨٤]

أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)

أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ بأن سلطناهم عليهم أو قيضنا لهم قرناء. تَؤُزُّهُمْ أَزًّا تهزهم وتعزيهم على المعاصي بالتسويلات وتحبيب الشهوات، والمراد تعجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقاويل الكفرة وتماديهم في الغي وتصميمهم على الكفر بعد وضوح الحق على ما نطقت به الآيات المتقدمة.

فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ بأن يهلكوا حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم.

إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ أيام آجالهم. عَدًّا والمعنى لا تعجل بهلاكهم فإنه لم يبقى لهم إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>