للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك خص بها العلماء. والإِشفاق خوف مع اعتناء فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر وإن عدي بعلى فبالعكس.

وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ من الملائكة أو من الخلائق. إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ يريد به نفي النبوة وادعاء ذلك عن الملائكة وتهديد المشركين بتهديد مدعي الربوبية. كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ من ظلم بالإشراك وادعاء الربوبية.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٣٠]]

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠)

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أو لم يعلموا، وقرأ ابن كثير بغير واو. أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً ذات رتق أو مرتوقتين، وهو الضم والالتحام أي كانتا شيئاً واحداً وحقيقة متحدة. فَفَتَقْناهُما بالتنويع والتمييز، أو كانت السموات واحدة ففتقت بالتحريكات المختلفة حتى صارت أفلاكاً، وكانت الأرضون واحدة فجعلت باختلاف كيفياتها وأحوالها طبقات أو أقاليم. وقيل كانَتا بحيث لا فرجة بينهما ففرج. وقيل كانَتا رَتْقاً لا تمطر ولا تنبت ففتقناهما بالمطر والنبات، فيكون المراد ب السَّماواتِ سماء الدنيا وجمعها باعتبار الآفاق أو السَّماواتِ بأسرارها على أن لها مدخلاً ما في الأمطار، والكفرة وإن لم يعلموا ذلك فهم متمكنون من العلم به نظراً فإن الفتق عارض مفتقر إلى مؤثر واجب ابتداء أو بوسط، أو استفساراً من العلماء ومطالعة للكتب، وإنما قال كانَتا ولم يقل كن لأن المراد جماعة السموات وجماعة الأرض. وقرئ «رَتْقاً» بالفتح على تقدير شيئاً رتقاً أي مرتوقاً كالرفض بمعنى المرفوض. وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ وخلقنا من الماء كل حيوان كقوله تعالى اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ وذلك لأنه من أعظم مواده أو لفرط احتياجه إليه وانتفاعه به بعينه، أو صيرنا كل شيء حي بسبب من الماء لا يحيا دونه. وقرئ «حياً» على أنه صفة كُلَّ أو مفعول ثان، والظرف لغو والشيء مخصوص بالحيوان. أَفَلا يُؤْمِنُونَ مع ظهور الآيات.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣١ الى ٣٢]

وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢)

وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ ثابتات من رسا الشيء إذا ثبت. أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ كراهة أن تميل بهم وتضطرب، وقيل لأن لا تميد فحذف لا لأمن الإِلباس. وَجَعَلْنا فِيها في الأرض أو الرواسي. فِجاجاً سُبُلًا مسالك واسعة وإنما قدم فجاجاً وهو وصف له ليصير حالاً فيدل على أنه حين خلقها خلقها كذلك، أو ليبدل منها سُبُلًا فيدل ضمناً على أنه خلقها ووسعها للسابلة مع ما يكون فيه من التوكيد. لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ إلى مصالحهم.

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً عن الوقوع بقدرته أو الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئته، أو استراق السمع بالشهب. وَهُمْ عَنْ آياتِها عن أحوالها الدالة على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته وتناهي حكمته التي يحس ببعضها ويبحث عن بعضها في علمي الطبيعة والهيئة. مُعْرِضُونَ غير متفكرين.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٣٣]]

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بيان لبعض تلك الآيات. كُلٌّ فِي فَلَكٍ أي كل واحد منهما، والتنوين بدل من المضاف إليه والمراد بالفلك الجنس كقولهم: كساهم الأمير حلة. يَسْبَحُونَ يسرعون على سطح الفلك إسراع السابح على سطح الماء، وهو خبر كُلٌّ والجملة حال من الشَّمْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>