للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّها: أي وإن الاستعانة بهما أو الصلاة وتخصيصها برد الضمير إليها، لعظم شأنها واستجماعها ضروباً من الصبر. أو جملة ما أمروا بها ونهوا عنها.

لَكَبِيرَةٌ لثقيلة شاقة كقوله تعالى: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ.

إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ أي المخبتين، والخشوع الإخبات ومنه الخشعة للرملة المتطامنة. والخضوع اللين والانقياد، ولذلك يقال الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٦]]

الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦)

الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ أي يتوقعون لقاء الله تعالى ونيل ما عنده، أو يتيقنون أنهم يحشرون إلى الله فيجازيهم، ويؤيده أن في مصحف ابن مسعود «يعلمون» وكأن الظن لما شابه العلم في الرجحان أطلق عليه لتضمن معنى التوقع، قال أوس بن حجر:

فأرْسَلتُهُ مُستَيْقِنَ الظن أنَّه ... مُخالِطُ ما بينَ الشَّراسِيفِ جائِفُ

وإنما لم تثقل عليهم ثقلها على غيرهم فإن نفوسهم مرتاضة بأمثالها، متوقعة في مقابلتها ما يستحقر لأجله مشاقها ويستلذ بسببه متاعبها، ومن ثمة

قال عليه الصلاة والسلام «وجعلت قرة عيني في الصلاة» .

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٧]]

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧)

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ كرره للتأكيد وتذكير التفضيل الذي هو أجل النعم خصوصاً، وربطه بالوعيد الشديد تخويفاً لمن غفل عنها وأخل بحقوقها.

وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عطف على نعمتي.

عَلَى الْعالَمِينَ أي عالمي زمانهم، يريد به تفضيل آبائهم الذين كانوا في عصر موسى عليه الصلاة والسلام وبعده، قبل ان يضروا بما منحهم الله تعالى من العلم والإيمان والعمل الصالح، وجعلهم أنبياء وملوكاً مقسطين. واستدل به على تفضيل البشر على المَلَك وهو ضعيف.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٨]]

وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)

وَاتَّقُوا يَوْماً أي ما فيه من الحساب والعذاب.

لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً لا تقضي عنها شيئاً من الحقوق، أو شيئاً من الجزاء فيكون نصبه على المصدر، وقرئ لا «تجزئ» من أجزأ عنه إذا أغنى وعلى هذا تعين أن يكون مصدراً، وإيراده منكراً مع تنكير النفسين للتعميم والإقناط الكلي والجملة صفة ليوماً، والعائد فيها محذوف تقديره لا تجزي فيه، ومن لم يجوز حذف العائد المجرور قال: اتسع فيه فحذف عنه الجار وأجري مجرى المفعول به ثم حذف كما حذف من قوله: أم مال أصابوا.

وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ أي من النفس الثانية العاصية، أو من الأولى، وكأنه أريد بالآية نفي أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل، فإنه إما أن يكون قهراً أو غيره، والأول النصرة، والثاني إما أن يكون مجاناً أو غيره. والأول أن يشفع له والثاني إما بأداء ما كان عليه وهو أن يجزي عنه، أو بغيره وهو أن يعطى عنه عدلاً. والشفاعة من الشفع كأن المشفوع له كان فرداً فجعله الشفيع شفعاً بضم نفسه إليه، والعدل الفدية. وقيل: البدل وأصله التسوية سمي به الفدية لأنها سويت بالمفدى، وقرأ ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>