للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يحتمل الأوثان وإبليس وأعوانه لأنهم بطاعتهم لهم في حكم عبدتهم، لما

روي أنه عليه الصلاة والسلام لما تلا الآية على المشركين قال له ابن الزبعري: قد خصمتك ورب الكعبة أليس اليهود عبدوا عزيراً والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك» فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى الآية.

وعلى هذا يعم الخطاب ويكون مَا مؤولاً بمن أو بما يعمه، ويدل عليه ما

روي أن ابن الزبعري قال: هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عبد من دون الله فقال صلّى الله عليه وسلّم «بل لكل من عبد من دون الله» .

ويكون قوله إِنَّ الَّذِينَ بياناً للتجوز أو التخصيص تأخر عن الخطاب. حَصَبُ جَهَنَّمَ ما يرمي به إليها وتهيج به من حصبه بحصبه إذا رماه بالحصباء وقرئ بسكون الصاد وصفاً بالمصدر. أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ استئناف أو بدل من حَصَبُ جَهَنَّمَ واللام معوضة من على للاختصاص والدلالة على أن ورودهم لأجلها.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٩٩ الى ١٠٠]

لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لاَ يَسْمَعُونَ (١٠٠)

لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوها لأن المؤاخذ بالعذاب لا يكون إلهاً. وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ لا خلاص لهم عنها.

لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ أنين وتنفس شديد وهو من إضافة فعل البعض إلى الكل للتغلب إن أريد ب مَا تَعْبُدُونَ الأصنام. وَهُمْ فِيها لاَ يَسْمَعُونَ من الهول وشدة العذاب. وقيل لاَ يَسْمَعُونَ ما يسرهم.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٠١ الى ١٠٣]

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أي الخصلة الحسنى وهي السعادة أو التوفيق بالطاعة أو البشرى بالجنة. أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لأنهم يرفعون إلى أعلى عليين.

روي أن علياً كرم الله وجهه خطب وقرأ هذه الآية ثم قال: أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابن الجراح، ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه ويقول:

لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَها

وهو بدل من مُبْعَدُونَ أو حال من ضميره سيق للمبالغة في إبعادهم عنها، والحسيس صوت يحس به. وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ دائمون في غاية التنعم وتقديم الظرف للاختصاص والاهتمام به.

لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ النفخة الأخيرة لقوله تعالى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ أو الانصراف إلى النار أو حين يطبق على النار أو يذبح الموت. وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ تستقبلهم مهنئين لهم. هذا يَوْمُكُمُ يوم ثوابكم وهو مقدر بالقول. الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ في الدنيا.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٠٤]]

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤)

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ مقدر باذكر أو ظرف لاَ يَحْزُنُهُمُ، أو تَتَلَقَّاهُمُ أو حال مقدرة من العائد المحذوف من تُوعَدُونَ، والمراد بالطي ضد النشر أو المحو من قولك اطو عني هذا الحديث، وذلك لأنها

<<  <  ج: ص:  >  >>