للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزعم والزعم قول مع اعتقاد، أو داخلة على الجملة الواقعة مقولاً إجراء له مجرى يقول: أي يقول الكافر ذلك بدعاء وصراخ حين يرى استضراره به، أو مستأنفة على أن يدعو تكرير للأول ومن مبتدأ خبره لَبِئْسَ الْمَوْلى الناصر. وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ الصاحب.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٤ الى ١٥]

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (١٤) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥)

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ من إثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك الطالح لا دافع له ولا مانع.

مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ كلام فيه اختصار والمعنى: أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة، فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه. وقيل المراد بالنصر الرزق والضمير لمن.

فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه بأن يفعل كل ما يفعله الممتلئ غيظاً، أو المبالغ جزعاً حتى يمد حبلاً إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق، فإن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه. وقيل فليمدد حبلاً إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانها فيجتهد في دفع نصره أو تحصيل رزقه. وقرأ ورش وأبو عمرو وابن عامر لِيَقْطَعَ بكسر اللام. فَلْيَنْظُرْ فليتصور في نفسه.

هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ فعله ذلك وسماه على الأول كيداً لأنه منتهى ما يقدر عليه. مَا يَغِيظُ غيظه أو الذي يغيظه من نصر الله. وقيل نزلت في قوم مسلمين استبطئوا نصر الله لاستعجالهم وشدة غيظهم على المشركين.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٦ الى ١٧]

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)

وَكَذلِكَ ومثل ذلك الإنزال. أَنْزَلْناهُ أنزلنا القرآن كله. آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات. وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي ولأن الله يهدي به أو يثبت على الهدى. مَنْ يُرِيدُ هدايته أو إثباته أنزله كذلك مبينا.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بالحكومة بينهم وإظهار المحق منهم على المبطل، أو الجزاء فيجازي كلا ما يليق به ويدخله المحل المعد له، وإنما أدخلت إن على كل واحد من طرفي الجملة لمزيد التأكيد. إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ عالم به مراقب لأحواله.

[[سورة الحج (٢٢) : آية ١٨]]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ (١٨)

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ يتسخر لقدرته ولا يتأنى عن تدبيره، أو يدل بذلته على عظمة مدبره، ومن يجوز أن يعم أولي العقل وغيرهم على التغليب فيكون قوله: وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ إفراداً لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها. وقرئ «والدواب» بالتخفيف كراهة التضعيف أو الجمع بين الساكنين. وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عطف عليها إن جوز إعمال اللفظ الواحد في

<<  <  ج: ص:  >  >>