للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ في وجوه الخير.

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٦]]

وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦)

وَالْبُدْنَ جمع بدنة كخشب وخشبة، وأصله الضم وقد قرئ به وإنما سميت بها الإِبل لعظم بدنها مأخوذة من بدن بدانة، ولا يلزم من مشاركة البقرة لها في أجزائها عن سبعة

بقوله عليه السلام «البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة»

تناول اسم البدنة لها شرعاً، بل الحديث يمنع ذلك وانتصابه بفعل يفسره. جَعَلْناها لَكُمْ ومن رفعه جعله مبتدأ. مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ من أعلام دينه التي شرعها الله تعالى. لَكُمْ فِيها خَيْرٌ منافع دينية ودنيوية. فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها بأن تقولوا عند ذبحها الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر اللهم منك وإليك. صَوافَّ قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن، وقرئ «صوافن» من صفن الفرس إذا قام على ثلاث وعلى طرف حافر الرابعة لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث، وقرئ «صوافنا» بإبدال التنوين من حرف الإِطلاق عند الوقف و «صوافي» أي خوالص لوجه الله، و «صوافي» بسكون الياء على لغة من يسكن الياء مطلقاً كقولهم: أعط القوس باريها. فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها سقطت على الأرض وهو كناية عن الموت.

فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ الراضي بما عنده وبما يعطى من غير مسألة ويؤيده قراءة «القنع» ، أو السائل من قنعت إليه قنوعاً إذا خضعت له في السؤال. وَالْمُعْتَرَّ والمعترض بالسؤال، وقرئ «والمعتري» يقال عره وعراه واعتره واعتراه. كَذلِكَ مثل ما وصفنا من نحرها قياماً. سَخَّرْناها لَكُمْ مع عظمها وقوتها حتى تأخذوها منقادة فتعقلوها وتحبسوها صافة قوائمها ثم تطعنون في لبانها. لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص.

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٧]]

لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)

لَنْ يَنالَ اللَّهَ لن يصيب رضاه ولن يقع منه موقع القبول. لُحُومُها المتصدق بها. وَلا دِماؤُها المهراقة بالنحر من حيث إنها لحوم ودماء. وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ ولكن يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى تعظيم أمره تعالى والتقرب إليه والإِخلاص له، وقيل كان أهل الجاهلية إذا ذبحوا القرابين لطخوا الكعبة بدمائها قربة إلى الله تعالى فهم به المسلمون فنزلت. كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ كرره تذكيراً للنعمة وتعليلاً له بقوله: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ أي لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء. وقيل هو التكبير عند الإِحلال أو الذبح. عَلى مَا هَداكُمْ أرشدكم إلى طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها، وما تحتمل المصدرية والخبرية وعَلى متعلقة ب لِتُكَبِّرُوا لتضمنه معنى الشكر. وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ المخلصين فيما يأتونه ويذرونه.

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٨]]

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا غائلة المشركين، وقرأ نافع وابن عامر والكوفيون يُدافِعُ أي يبالغ في الدفع مبالغة من يغالب فيه. إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ في أمانة الله. كَفُورٍ لنعمته كمن يتقرب إلى الأصنام بذبيحته فلا يرتضي فعلهم ولا ينصرهم.

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٩]]

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)

.

<<  <  ج: ص:  >  >>