للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣٣]]

وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣)

وَلْيَسْتَعْفِفِ وليجتهد في العفة وقمع الشهوة. الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكاحاً أسبابه، ويجوز أن يراد بالنكاح ما ينكح به أو بالوجدان التمكن منه. حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فيجدوا ما يتزوجون به. وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ المكاتبة وهو أن يقول الرجل لمملوكه كاتبتك على كذا من الكتاب لأن السيد كتب على نفسه عتقه إذا أدى المال، أو لأنه مما يكتب لتأجيله أو من الكتب بمعنى الجمع لأن العوض فيه يكون منجماً بنجوم بضم بعضها إلى بعض. مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ عبداً كان أو أمة والموصول بصلته مبتدأ خبره فَكاتِبُوهُمْ أو مفعول لمضمر هذا تفسيره والفاء لتضمن معنى الشرط، والأمر فيه للندب عند أكثر العلماء لأن الكتابة معاوضة تتضمن الارفاق فلا تجب كغيرها واحتجاج الحنفية بإطلاقه على جواز الكتابة الحالية ضعيف لأن المطلق لا يعم مع أن العجز عن الأداء في الحال يمنع صحتها كما في السلم فيما لا يوجد عند المحل. إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً أمانة وقدرة على أداء المال بالاحتراف، وقد روي مثله مرفوعاً. وقيل صلاحاً في الدين. وقيل مالاً وضعفه ظاهر لفظ ومعنى وهو شرط الأمر فلا يلزم من عدمه عدم الجواز.

وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ أمر للموالي كما قبله بأن يبذلوا لهم شيئاً من أموالهم، وفي معناه حط شيء من مال الكتابة وهو للوجوب عند الأكثر ويكفي أقل ما يتمول.

وعن علي رضي الله تعالى عنه يحط الربع

، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الثلث، وقيل ندب لهم إلى الإنفاق عليهم بعد أن يؤدوا ويعتقوا، وقيل أمر لعامة المسلمين بإعانة المكاتبين وإعطائهم سهمهم من الزكاة ويحل للمولى وإن كان غنياً، لأنه لا يأخذه صدقة كالدائن والمشتري، ويدل عليه

قوله عليه الصلاة والسلام في حديث بريرة «هو لها صدقة ولنا هدية» .

وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ إماءكم. عَلَى الْبِغاءِ على الزنا، كانت لعبد الله بن أبي ست جوار يكرههن على الزنا وضرب عليهن الضرائب فشكا بعضهن إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنزلت. إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً تعففاً شرط للإِكراه فإنه لا يوجد دونه، وإن جعل شرطاً للنهي لم يلزم من عدمه جواز الإِكراه لجواز أن يكون ارتفاع النهي بامتناع المنهي عنه، وإيثار إن على إذا لأن إرادة التحصن من الإِماء كالشاذ النادر. لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لهن أوله إن تاب، والأول أوفق للظاهر ولما في مصحف ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: من بعد إكراههن لهن غفور رحيم ولا يرد عليه أن المكرهة غير آثمة فلا حاجة إلى المغفرة لأن الإِكراه لا ينافي المؤاخذة بالذات ولذلك حرم على المكره القتل وأوجب عليه القصاص.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣٤]]

وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤)

وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ يعني الآيات التي بينت في هذه السورة وأوضحت فيها الأحكام والحدود، وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي بالكسر في هذا وفي «الطلاق» لأنها واضحات تصدقها الكتب المتقدمة والعقول المستقيمة من بين بمعنى تبين، أو لأنها بينت الأحكام والحدود. وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ أو ومثلاً من أمثال من قبلكم أي وقصة عجيبة مثل قصصهم، وهي قصة عائشة رضي الله تعالى عنها فإنها كقصة يوسف ومريم. وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ يعني ما وعظ به في تلك الآيات، وتخصيص المتقين لأنهم المنتفعون بها وقيل المراد بالآيات القرآن والصفات المذكورة صفاته.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣٥]]

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>