للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ أتاه النداء من الشاطئ الأيمن لموسى. فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ متصل بالشاطئ أو صلة ل نُودِيَ. مِنَ الشَّجَرَةِ بدل من شاطئ بدل الاشتمال لأنها كانت ثابتة على الشاطئ. أَنْ يا مُوسى أي يا موسى. إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ هذا وإن خالف ما في «طه» «والنمل» لفظاً فهو طبقه في المقصود.

وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ أي فألقاها فصارت ثعبانا واهتزت فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ. كَأَنَّها جَانٌّ في الهيئة والجثة أو في السرعة. وَلَّى مُدْبِراً منهزماً من الخوف. وَلَمْ يُعَقِّبْ ولم يرجع. يَا مُوسى نودي يا موسى. أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ من المخاوف، فإنه لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٣٢]]

اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٢)

اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ أدخلها. تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ عيب. وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ يديك المبسوطتين تتقي بهما الحية كالخائف الفزع بإدخال اليمنى تحت عضد اليسرى وبالعكس، أو بإدخالهما في الجيب فيكون تكريراً لغرض آخر وهو أن يكون ذلك في وجه العدو إظهار جراءة ومبدأ لظهور معجزة، ويجوز أن يراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا حية استعارة من حال الطائر فإنه إذا خاف نشر جناحيه وإذا أمن واطمأن ضمهما إليه. مِنَ الرَّهْبِ من أجل الرهب أي إذا عراك الخوف فافعل ذلك تجلداً وضبطاً لنفسك. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر بضم الراء وسكون الهاء، وقرئ بضمهما، وقرأ حفص بالفتح والسكون والكل لغات. فَذانِكَ إشارة إلى العصا واليد، وشدده ابن كثير وأبو عمرو ورويس. بُرْهانانِ حجتان وبرهان فعلان لقولهم أبره الرجل إذا جاء بالبرهان من قولهم بره الرجل إذا ابيض، ويقال برهاء وبرهرهة للمرأة البيضاء وقيل فعلال لقولهم برهن. مِنْ رَبِّكَ مرسلاً بهما. إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ فكانوا أحقاء بأن يرسل إليهم.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]

قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥)

قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ بها.

وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً معيناً وهو في الأصل اسم ما يعان به كالدفء، وقرأ نافع «رداً» بالتخفيف. يُصَدِّقُنِي بتخليص الحق وتقرير الحجة وتزييف الشبهة. إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ولساني لا يطاوعني عند المحاجة، وقيل المراد تصديق القوم لتقريره وتوضيحه لكنه أسند إليه إسناد الفعل إلى السبب، وقرأ عاصم وحمزة يُصَدِّقُنِي بالرفع على أنه صفة والجواب محذوف.

قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ سنقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور، ولذلك يعبر عنه باليد وشدتها بشدة العضد. وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً غلبة أو حجة. فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما باستيلاء أو حجاج. بِآياتِنا متعلق بمحذوف أي اذهبا بآياتنا، أو ب نَجْعَلُ أي نسلطكما بها، أو بمعنى «لا يصلون» أي تمتنعون منهم، أو قسم جوابه «لا يصلون» ، أو بيان ل الْغالِبُونَ في قوله: أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ بمعنى أنه صلة لما بينه أو صلة له على أن اللام فيه للتعريف لا بمعنى الّذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>