للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ كما قيل إنه خرج على بغلة شهباء عليه الأرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف على زيه. قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا على ما هو عادة الناس من الرغبة. يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قارُونُ تمنوا مثله لا عينه حذراً عن الحسد. إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ من الدنيا.

وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بأحوال الآخرة للمتمنين. وَيْلَكُمْ دعاء بالهلاك استعمل للزجر عما لا يرتضى. ثَوابُ اللَّهِ في الآخرة. خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً مما أوتي قارون بل من الدنيا وما فيها.

وَلا يُلَقَّاها الضمير فيه للكلمة التي تكلم بها العلماء أو لل ثَوابُ، فإنه بمعنى المثوبة أو الجنة أو للإيمان والعمل الصالح فإنهما في معنى السيرة والطريقة. إِلَّا الصَّابِرُونَ على الطاعات وعن المعاصي.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٨١]]

فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١)

فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ

روي أنه كان يؤذي موسى عليه السلام كل وقت وهو يداريه لقرابته حتى نزلت الزكاة، فصالحه عن كل ألف على واحد فحسبه فاستكثره، فعمد إلى أن يفضح موسى بين بني إسرائيل ليرفضوه، فبرطل بغية لترميه بنفسها فلما كان يوم العيد قام موسى خطيباً فقال: من سرق قطعناه، ومن زنى غير محصن جلدناه ومن زنى محصناً رجمناه، فقال قارون ولو كنت قال: ولو كنت، قال إن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة فأحضرت، فناشدها موسى عليه السلام بالله أن تصدق فقالت: جعل لي قارون جعلاً على أن أرميك بنفسي، فخر موسى شاكياً منه إلى ربه فأوحى الله إليه أن مر الأرض بما شئت فقال: يا أرض خذيه فأخذته إلى ركبتيه، ثم قال خذيه فأخذته إلى وسطه، ثم قال خذيه فأخذته إلى عنقه، ثم قال خذيه فخسفت به وكان قارون يتضرع إليه في هذه الأحوال فلم يرحمه، فأوحى الله إليه ما أفظك استرحمك مراراً فلم ترحمه، وعزتي وجلالي لو دعاني مرة لأجبته، ثم قال بنو إسرائيل: إنما فعله ليرثه، فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وأمواله.

فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ أعوان مشتقة من فأوت رأسه إذا ميلته. يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فيدفعون عنه عذابه. وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ الممتنعين منه من قولهم نصره من عدوه فانتصر إذا منعه منه فامتنع.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨٢ الى ٨٣]

وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)

وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ منزلته. بِالْأَمْسِ منذ زمان قريب. يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ يَبْسُطُ وَيَقْدِرُ بمقتضى مشيئته لا لكرامة تقتضي البسط ولا لهوان يوجب القبض، ووَيْكَأَنَّ عند البصريين مركب من «وي» للتعجب «وكأن» للتشبيه والمعنى: ما أشبه الأمر أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق. وقيل من «ويك» بمعنى ويلك و «أن» تقديره ويك اعلم أن الله. لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا فلم يعطنا ما تمنينا. لَخَسَفَ بِنا لتوليده فينا ما ولده فيه فخسف بنا لأجله. وقرأ حفص بفتح الخاء والسين. وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ لنعمة الله أو المكذبون برسله وبما وعدوا لهم ثواب الآخرة.

تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ إشارة تعظيم كأنه قال: تلك الّتي سمعت خبرها وبلغك وصفها، والدَّارُ صفة والخبر: نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ غلبة وقهرا. وَلا فَساداً ظلما على الناس كما أراد فرعون وقارون. وَالْعاقِبَةُ المحمودة. لِلْمُتَّقِينَ ما لا يرضاه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>