للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: «العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه» .

خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ محقاً غير قاصد به باطلاً، فإن المقصود بالذات من خلقها إفادة الخير والدلالة على ذاته وصفاته كما أشار إليه بقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لأنهم المنتفعون به.

[[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٤٥]]

اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (٤٥)

اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ تقرباً إلى الله تعالى بقراءته وتحفظاً لألفاظه واستكشافاً لمعانيه، فإن القارئ المتأمل قد ينكشف له بالتكرار ما لم ينكشف له أول ما قرع سمعه. وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ بأن تكون سبباً للانتهاء عن المعاصي حال الاشتغال بها وغيرها من حيث إنها تذكر الله وتورث النفس خشية منه.

روي أن فتى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصلوات ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ارتكبه، فوصف له عليه السلام فقال: «إن صلاته ستنهاه» فلم يلبث أن تاب.

وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وللصلاة أكبر من سائر الطاعات، وإنما عبر عنها به للتعليل بأن اشتمالها على ذكره هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيئات، أو ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ منه ومن سائر الطاعات فيجازيكم به أحسن المجازاة.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]

وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧)

وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلا بالخصلة التي هي أحسن كمعارضة الخشونة باللين والغضب بالكظم والمشاغبة بالنصح، وقيل هو منسوخ بآية السيف إذ لا مجادلة أشد منه وجوابه أنه آخر الدواء، وقيل المراد به ذو العهد منهم. إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بالإِفراط في الاعتداء والعناد أو بإثبات الولد وقولهم يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ أو بنبذ العهد ومنع الجزية. وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ هو من المجادلة بالتي هي أحسن.

وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وبكتبه ورسله فإن قالوا باطلاً لم تصدقوهم وإن قالوا حقاً لم تكذبوهم» .

وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ مطيعون له خاصة وفيه تعريض باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً من دون الله.

وَكَذلِكَ ومثل ذلك الإِنزال. أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ وحياً مصدقاً لسائر الكتب الإلهية وهو تحقيق لقوله: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ هم عبد الله بن سلام وأضرابه، أو من تقدم عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أهل الكتاب. وَمِنْ هؤُلاءِ ومن العرب أو أهل مكة أو ممن في عهد الرسول من أهل الكتابين. مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بالقرآن. وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا مع ظهورها وقيام الحجة عليها. إِلَّا الْكافِرُونَ إلا المتوغلون في الكفر فإن جزمهم به يمنعهم عن التأمل فيما يفيد لهم صدقها لكونها معجزة بالإضافة إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما أشار إليه بقوله:

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤٨ الى ٤٩]

وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (٤٩)

وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ فإن ظهور هذا الكتاب الجامع لأنواع العلوم

<<  <  ج: ص:  >  >>