للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة فيعبدونهم. أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ الضمير الأول للإِنس أو للمشركين، والأكثر بمعنى الكل والثاني ل الْجِنَّ.

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]

فَالْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا مَا هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣)

فَالْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا إذ الأمر فيه كله له لأن الدار دار جزاء وهو المجازي وحده. وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ عطف على لاَ يَمْلِكُ مبين للمقصود من تمهيده.

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا مَا هذا يعنون محمّدا عليه الصلاة والسلام. إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ فيستتبعكم بما يستبدعه. وَقالُوا مَا هذا يعنون القرآن. إِلَّا إِفْكٌ لعدم مطابقة ما فيه الواقع. مُفْتَرىً بإضافته إلى الله سبحانه وتعالى. وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ لأمر النبوة أو للإسلام أو للقرآن، والأول باعتبار معناه وهذا باعتبار لفظه وإعجازه. إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته، وفي تكرير الفعل والتصريح بذكر الكفرة وما في اللامين من الإِشارة إلى القائلين والمقول فيه، وما في لَمَّا من المبادهة إلى البت بهذا القول إنكار عظيم له وتعجيب بليغ منه.

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]

وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥)

وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها فيها دليل على صحة الإِشراك. وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ يدعوهم إليه وينذرهم على تركه، وقد بان من قبل أن لا وجه له فمن أين وقع لهم هذه الشبهة، وهذا في غاية التجهيل لهم والتسفيه لرأيهم ثم هددهم فقال:

وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كما كذبوا. وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوة وطول العمر وكثرة المال، أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى. فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ فحين كذبوا رسلي جاءهم إنكاري بالتدمير فكيف كان نكيري لهم فليحذر هؤلاء من مثله، ولا تكرير في كذب لأن الأول للتكثير والثاني للتكذيب، أو الأول مطلق والثاني مقيد ولذلك عطف عليه بالفاء.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٦]]

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦)

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أرشدكم وأنصح لكم بخصلة واحدة هي ما دل عليه: أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ وهو القيام من مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو الانتصاب في الأمر خالصاً لوجه الله معرضاً عن المراء والتقليد. مَثْنى وَفُرادى متفرقين اثنين اثنين وواحداً واحداً، فإن الازدحام يشوش الخاطر ويخلط القول. ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا في أمر محمّد صلّى الله عليه وسلّم وما جاء به لتعلموا حقيقته، ومحله الجر على البدل أو البيان أو الرفع أو النصب بإضمار هو أو أعني. مَا بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ فتعلموا ما به من جنون يحمله على ذلك، أو استئناف منبه لهم على أن ما عرفوا من رجاحة عقله كاف في ترجيح صدقه، فإنه لا يدعه أن يتصدى لادعاء أمر خطير وخطب عظيم من

<<  <  ج: ص:  >  >>