للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون جواباً من الله لهم أو حكاية لجواب المؤمنين لهم.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠)

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعنون وعد البعث.

مَا يَنْظُرُونَ ما ينتظرون. إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً هي النفخة الأولى. تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم أمرها كقوله: أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ وأصله يختصمون فسكنت التاء وأدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين، وقرأ أبو بكر بكسر الياء للاتباع، وقرأ ابن كثير وورش وهشام بفتح الخاء على إلقاء حركة التاء إليه، وأبو عمرو وقالون به مع الإِختلاس وعن نافع الفتح فيه والإِسكان والتشديد وكأنه جوز الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني مدغماً، وقرأ حمزة يَخِصِّمُونَ من خصمه إذا جادله.

فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً في شيء من أمورهم. وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ فيروا حالهم بل يموتون حيث تبغتهم.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥١ الى ٥٢]

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢)

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ أي مرة ثانية وقد سبق تفسيره في سورة «المؤمنين» . فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ من القبور جمع جدث وقرئ بالفاء. إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ يسرعون وقرئ بالضم.

قالُوا يا وَيْلَنا وقرئ «يا ويلتنا» مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا وقرئ «من أهبنا» من هب من نومه إذا انتبه ومن هبنا بمعنى أهبنا، وفيه ترشيخ ورمز وإشعار بأنهم لاختلاط عقولهم يظنون أنهم كانوا نياما، ومَنْ بَعَثَنا و «من هبنا» على من الجارة والمصدر، وسكت حفص وحده عليها سكتة لطيفة والوقف عليها في سائر القراءات حسن. هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ مبتدأ وخبر وما مصدرية، أو موصولة محذوفة الراجع، أو هذا صفة ل مَرْقَدِنا وما وَعَدَ خبر محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف أي هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ، أو مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ حق وهو من كلامهم، وقيل جواب للملائكة أو المؤمنين عن سؤالهم، معدول عن سننه تذكيراً لكفرهم وتقريعاً لهم عليه وتنبيهاً بأن الذي يهمهم هو السؤال عن البعث دون الباعث كأنهم قالوا: بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأرسل إليكم الرسل فصدقوكم وليس الأمر كما تظنون، فإنه ليس يبعث النائم فيهمكم السؤال عن الباعث وإنما هو البعث الأكبر ذو الأهوال.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]

إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤)

إِنْ كانَتْ ما كانت الفعلة. إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً هي النفخة الأخيرة، وقرئت بالرفع على كان التامة.

فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ بمجرد تلك الصيحة وفي كل ذلك تهوين أمر البعث والحشر واستغناؤهما عن الأسباب التي ينوطان بها فيما يشاهدونه.

فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حكاية لما يقال لهم حينئذ تصويراً للموعود

<<  <  ج: ص:  >  >>