للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الملائكة يقول لهم: هل تحبون أن تطلعوا على أهل النار لأريكم ذلك القرين فتعلموا أين منزلتكم من منزلتهم؟ وعن أبي عمرو مُطَّلِعُونَ، فَاطَّلَعَ بالتخفيف وكسر النون وضم الألف على أنه جعل اطلاعهم سبب اطلاعه من حيث أن أدب المجالسة يمنع الاستبداد به، أو خاطب الملائكة على وضع المتصل موضع المنفصل كقوله:

هُم الآمِرُونَ الخَيْرَ وَالفَاعِلُونَهُ أو شبه اسم الفاعل بالمضارع.

فَاطَّلَعَ عليهم. فَرَآهُ أي قرينه. فِي سَواءِ الْجَحِيمِ وسطه.

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٥٦ الى ٥٩]

قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)

قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ لتهلكني بالإغواء، وقرئ «لتغوين» وإِنْ هي المخففة واللام هي الفارقة.

وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي بالهداية والعصمة. لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ معك فيها.

أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ عطف على محذوف أي أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين، أي بمن شأنه الموت وقرئ «بمائتين» .

إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى التي كانت في الدنيا وهي متناولة لما في القبر بعد الإِحياء للسؤال، ونصبها على المصدر من اسم الفاعل. وقيل على الاستثناء المنقطع. وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ كالكفار، وذلك تمام كلامه لقرينه تقريعاً له أو معاودة إلى مكالمة جلسائه تحدثاً بنعمة الله، أو تبجحاً بها وتعجباً منها وتعريضاً للقرين بالتوبيخ.

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٦٠ الى ٦١]

إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)

إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يحتمل أن يكون من كلامهم وأن يكون كلام الله لتقرير قوله والإِشارة إلى ما هم عليه من النعمة والخلود والأمن من العذاب.

لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ أي لنيل مثل هذا يجب أن يعمل العاملون لا للحظوظ الدنيوية المشوبة بالآلام السريعة الانصرام، وهو أيضاً يحتمل الأمرين.

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٦٢ الى ٦٦]

أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦)

أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ شجرة ثمرها نزل أهل النار، وانتصاب نُزُلًا على التمييز أو الحال وفي ذكره دلالة على أن ما ذكر من النعيم لأهل الجنة بمنزلة ما يقام للنازل ولهم وراء ذلك ما تقصر عنه الأفهام، وكذلك الزقوم لأهل النار، وهو: اسم شجرة صغيرة الورق دفر مرة تكون بتهامة سميت به الشجرة الموصوفة.

إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ محنة وعذاباً لهم في الآخرة، أو ابتلاء في الدنيا فإنهم لما سمعوا أنها في النار قالوا كيف ذلك والنار تحرق الشجر، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويلتذ بها فهو أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإِحراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>