للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقال إنه مسه، والإِسناد إلى الشَّيْطانُ إما لأن الله مسه بذلك لما فعل بوسوسته كما قيل إنه أعجب بكثرة ماله أو استغاثة مظلوم فلم يغثه، أو كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه، أو لسؤاله امتحاناً لصبره فيكون اعترافاً بالذنب أو مراعاة للأدب، أو لأنه وسوس إلى أتباعه حتى رفضوه وأخرجوه من ديارهم، أو لأن المراد بالنصب والعذاب ما كان يوسوس إليه في مرضه من عظم البلاء والقنوط من الرحمة ويغريه على الجزع، وقرأ يعقوب بفتح النون على المصدر، وقرئ بفتحتين وهو لغة كالرشد والرشد وبضمتين للتثقيل.

ارْكُضْ بِرِجْلِكَ حكاية لما أجيب به أي اضرب برجلك الأرض. هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ أي فضربها فنبعت عين فقيل هذا مغتسل أي ماء تغتسل به وتشرب منه فيبرأ باطنك وظاهرك، وقيل نبعت عينان حارة وباردة فاغتسل من الحارة وشرب من الأخرى.

وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ بأن جمعناهم عليه بعد تفرقهم أو أحييناهم بعد موتهم، وقيل وهبنا له مثلهم.

وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ حتى كان له ضعف ما كان. رَحْمَةً مِنَّا لرحمتنا عليه وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وتذكيراً لهم لينتظروا الفرج بالصبر واللجأ إلى الله فيما يحيق بهم.

وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً عطف على اركض والضغث الحزمة الصغيرة من الحشيش ونحوه. فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ روي أن زوجته ليا بنت يعقوب وقيل رحمة بنت افراثيم بن يوسف ذهبت لحاجة فأبطأت فحلف إن برىء ضربها مائة ضربة، فحلل الله يمينه بذلك وهي رخصة باقية في الحدود. إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً فيما أصابه في النفس والأهل والمال، ولا يخل به شكواه إلى الله من الشيطان فإنه لا يسمى جزعاً كتمني العافية وطلب الشفاء مع أنه قال ذلك خيفة أن يفتنه أو قومه في الدين. نِعْمَ الْعَبْدُ أيوب. إِنَّهُ أَوَّابٌ مقبل بشراشره على الله تعالى.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]

وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧)

وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وقرأ ابن كثير عَبْدَنَا وضع الجنس موضع الجمع، أو على أن إِبْراهِيمَ وحده لمزيد شرفه عطف بيان له، وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ عطف عليه. أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ أولي القوة في الطاعة والبصيرة في الدين، أو أولي الأعمال الجليلة والعلوم الشريفة، فعبر بالأيدي عن الأعمال لأن أكثرها بمباشرتها وبالأبصار عن المعارف لأنها أقوى مباديها، وفيه تعريض بالبطلة الجهال أنهم كالزمنى والعماة.

إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة لا شوب فيها هي: ذِكْرَى الدَّارِ تذكرهم الدار الآخرة دائماً فإن خلوصهم في الطاعة بسببها، وذلك لأن مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون جوار الله والفوز بلقائه وذلك في الآخرة، وإطلاق الدَّارِ للاشعار بأنها الدار الحقيقة والدنيا معبر، وأضاف نافع وهشام بِخالِصَةٍ إلى ذِكْرَى للبيان أو لأنه مصدر بمعنى الخلوص فأضيف إلى فاعله.

وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ لمن المختارين من أمثالهم المصطفين عليهم في الخير جمع خير كشر وأشرار. وقيل جمع خير أو خير على تخفيفه كأموات في جمع ميت أو ميت.

[[سورة ص (٣٨) : آية ٤٨]]

وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (٤٨)

وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ هو ابن أخطوب استخلفه إلياس على بني إسرائيل ثم استنبئ، واللام فيه كما في قوله: رَأَيْتُ الوَلِيْدَ بْنَ اليَزِيدَ مُبَارَكاً. وقرأ حمزة والكسائي «والليسع» تشبيهاً بالمنقول من ليسع من اللسع. وَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>