للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ

صاغرين، وإن فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلاً منزلته للمبالغة، أو المراد بالعبادة الدعاء فإنه من أبوابها. وقرأ ابن كثير وأبو بكر سَيَدْخُلُونَ بضم الياء وفتح الخاء.

[[سورة غافر (٤٠) : آية ٦١]]

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (٦١)

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ لتستريحوا فيه بأن خلقه بارداً مظلماً ليؤدي إلى ضعف الحركات وهدوء الحواس. وَالنَّهارَ مُبْصِراً يبصر فيه أو به، وإسناد الإِبصار إليه مجاز فيه مبالغة ولذلك عدل به عن التعليل إلى الحال: إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ لا يوازيه فضل، وللإِشعار به لم يقل لمفضل. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ لجهلهم بالمنعم وإغفالهم مواقع النعم، وتكرير الناس لتخصيص الكفران بهم.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٦٢ الى ٦٣]

ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣)

ذلِكُمُ المخصوص بالأفعال المقتضية للألوهية والربوبية. اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلهَ إِلَّا هُوَ أخبار مترادفة تخصص اللاحقة السابقة وتقررها، وقرئ «خالق» بالنصب على الاختصاص فيكون لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ استئنافاً بما هو كالنتيجة للأوصاف المذكورة. فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فكيف ومن أي وجه تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.

كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ أي كما أفكوا أفك عن الحق كل من جحد بآيات الله ولم يتأملها.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥)

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً استدلال ثان بأفعال أخر مخصوصة. وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ بأن خلقكم منتصب القامة بادي البشرة متناسب الأعضاء، والتخطيطات متهيأ لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات. وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اللذائذ. ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ فإن كل ما سواه مربوب مفتقر بالذات معرض للزوال.

هُوَ الْحَيُّ المتفرد بالحياة الذاتية. لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ إذ لا موجد سواه ولا موجود يساويه أو يدانيه فِي ذاته وصفاته. فَادْعُوهُ فاعبدوه. مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي الطاعة من الشرك والرياء. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قائلين له.

[[سورة غافر (٤٠) : آية ٦٦]]

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦)

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي من الحجج والآيات أو من الآيات فإنها مقوية لأدلة العقل منبهة عليها. وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ بأن أنقاد له أو أخلص له ديني.

<<  <  ج: ص:  >  >>