للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ بدل من قوله: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا أو مستأنف وخبر إِنَّ محذوف مثل معاندون أو هالكون، أو أُولئِكَ يُنادَوْنَ و «الذكر» القرآن. وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ كثير النفع عديم النظير أو منيع لا يتأتى إبطاله وتحريفه.

لاَّ يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات أو مما فيه من الأخبار الماضية والأمور الآتية. تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ أي حكيم. حَمِيدٍ يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه.

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣) وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤)

مَّا يُقالُ لَكَ أي ما يقول لك كفار قومك. إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم، ويجوز أن يكون المعنى ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم. إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لأنبيائه.

وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ لأعدائهم، وهو على الثاني يحتمل أن يكون المقول بمعنى أن حاصل ما أوحي إليك وإليهم، وعد المؤمنين بالمغفرة والكافرين بالعقوبة.

وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا جواب لقولهم: هلا أنزل القرآن بلغة العجم والضمير «للذكر» . لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ بينت بلسان نفقهه. ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ أكلام أعجمي ومخاطب عربي إنكار مقرر للتخصيص، والأعجمي يقال للذي لا يفهم كلامه. وهذا قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي، وقرأ قالون وأبو عمرو بالمد والتسهيل وورش بالمد وإبدال الثانية ألفاً، وابن كثير وابن ذكوان وحفص بغير المد بتسهيل الثانية وقرئ «أعجمي» وهو منسوب إلى العجم، وقرأ هشام «أعجمي» على الإِخبار، وعلى هذا يجوز أن يكون المراد هلا فصلت آياته فجعل بعضها أعجمياً لإِفهام العجم وبعضها عربياً لإِفهام العرب، والمقصود إبطال مقترحهم باستلزامه المحذور، أو للدلالة على أنهم لا ينفكون عن التعنت في الآيات كيف جاءت. قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً إلى الحق. وَشِفاءٌ لِمَا فِى الصدور من الشك والشبه. وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ مبتدأ خبره: فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ على تقدير هو في آذانِهِمْ وَقْرٌ لقوله: وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى وذلك لتصامهم عن سماعه وتعاميهم عما يريهم من الآيات، ومن جوز العطف على عاملين مختلفين عطف ذلك على لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً. أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي صم، وهو تمثيل لهم في عدم قبولهم الحق واستماعهم له بمن يصاح به من مسافة بعيدة.

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ بالتصديق والتكذيب كما اختلف في القرآن. وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وهي العدة بالقيامة وفصل الخصومة حينئذ، أو تقدير الآجال. لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ باستئصال المكذبين. وَإِنَّهُمْ وإن اليهود أو الذين لاَ يُؤْمِنُونَ. لَفِي شَكٍّ مِنْهُ من التوراة أو القرآن. مُرِيبٍ موجب للاضطراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>