للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن يسألوك عن القتال في الشهر الحرام هل هو حلال أم حرام؟ فقل لهم: نعم القتال فيه كبير الإثم والجرم، ولكن اعلموا أن صد الكفار عن سبيل الله وطريقه الموصل إلى الإسلام بما يفتنون المسلمين عن دينهم ويقتلونهم ويخرجونهم من ديارهم وأموالهم، نعم صدهم عن سبيل الله كفرهم به وصدهم عن المسجد الحرام ومنع المسلمين من الحج والعمرة وإخراج أهله منه، وهم صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه.

كل واحدة من هذه الجرائم التي فعلها المشركون أكبر إثما وأعظم جرما عند الله والناس من القتال في الشهر الحرام فكيف بهم وقد فعلوها كلها؟

ألم تعلموا أن الفتنة أشد من القتل؟! وما حوادث التعذيب والفتنة التي فعلوها مع عمار بن ياسر وأبيه وأخيه وأمه وغيرهم ببعيدة عن الأذهان!! هذا بعض ما كان من المشركين قبل الهجرة وبعدها، وصاروا يقاتلونهم لأجل الدين ويحرضون القبائل ضدهم وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إن مكن لهم واستطاعوا فهم يريدون ردّتكم وفتنتكم عن الإسلام، ولكن اعلموا أن من يدخل في الإسلام ثم يخرج مرتدا ويموت فهو كافر بالله وأشد من المشرك، وأولئك الموصوفون بالردة البعيدون في الضلال بطلت أعمالهم وصارت هباء منثورا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، هذا جزاء الكافرين المرتدين.

وأما جزاء المجاهدين في سبيل الله كعبد الله بن جحش وأضرابه فها هو ذا:

إن الذين آمنوا بالله ورسله وفارقوا الأهل والأوطان لإعلاء كلمة الله، ونصرة دينه ولحقوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وجاهدوا في الله مع ذلك حق جهاده.

أولئك المذكورون البعيدون في درجات الكمال قد فعلوا ذلك رجاء رحمة الله، فالله يكافئهم ويجازيهم أحسن الجزاء، وهو يغفر لهم بعض الزلل ويرحمهم بفضله وإحسانه وهو الغفور الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>