للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وياسر وغيرهم حتى نجالسك فنزل: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ الآية ثم ذكر جزاء المؤمن ولو كان فقيرا وجزاء الكافر ولو كان غنيا.

[المعنى:]

واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك الذي أنزل عليك ولا تسمع لما يهذون به من طلب التغيير والتبديل، إذ لا مبدل لكلمات ربك ولا يقدر أحد على ذلك، وإنما الله وحده القادر على التبديل والنسخ وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ [سورة النحل آية ١٠١] وإنك إن بدلت يا محمد فلن تجد من دون الله ملتجأ تلتجئ إليه.

ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى من الفقراء، واصبر نفسك معهم واحبسها على مجالستهم، ولا تسمع لقول الكفار فقديما قيل لنوح: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [سورة الشعراء آية ١١١] فهذا غرور الكفر ووسوسة الشيطان.

هؤلاء الموالي الذين يدعون ربهم، ويعبدونه في كل وقت، يريدون وجهه ورضاه هم أحباب الله وأولياؤه، ولا تعد عيناك عنهم فتجاوزهم إلى غيرهم من الأغنياء، وإياك أن تنبو عينك عنهم وتعلو، تريد زينة الحياة الدنيا الظاهرة في لباس الأغنياء والأشراف، ولا تطع أبدا من وجدنا قلبه غافلا عن ذكرنا، واتبع هواه وأسلم نفسه لشيطانه.

وكان أمره متجاوزا الحق والعدل حيث ترك صراط الله المستقيم وشرعه القويم.

وقل لهؤلاء الذين يطلبون منك البعد عن الفقراء لفقرهم: الحق جاء من ربكم واضحا ظاهرا فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، أما من كفر فإنا أعتدنا وهيأنا له نارا أحاط بهم سرادقها، ولقد شبه الله ما يحيط بالظالمين الكافرين من النار بالسرادق المضروب على الشخص، فهل يفلت من السرادق المضروب؟!! وإن يستغيثوا وهم في نار جهنم يغاثوا بماء لشدة العطش ولكن بماء كالمهل، يغاثون بشراب من الحديد والرصاص المذاب من قوة النار، هذا الشراب يشوى الوجوه بئس الشراب شرابهم، وساءت جهنم مرتفقا، ولا ارتفاق فيها ولكنها المشاكلة، أما من تريدون أن يصرف النبي عنهم وجهه فأولئك المؤمنون الذين يقول الله فيهم وفي أمثالهم:

إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلن يضيع الله أجر من أحسن عملا، أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار، وهم يحلون في الجنة بأساور من ذهب وقد كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>