للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا كلمة سبقت من ربك بتأخير العذاب عنهم، وأجل مضروب ومسمى عند الله لكان إهلاكهم لأجل تكذيبهم لك لازما لهم فورا، ولهذا فاصبر على ما يقولون، وسبح بحمد ربك، وصل لربك حامدا له ومستغفرا قبل طلوع الشمس كصلاة الفجر وقبل الغروب كصلاة الظهر والعصر وبعض الليل فسبحه فيه عند صلاة المغرب والعشاء وفي قيام الليل، وعليك بالصلاة خصوصا عند أطراف النهار وعند طلوع الشمس وعند الغروب لعلك أيها المخاطب ترضى بالجزاء الوافر.

أما علاج تكذيب المكذبين، وعناد المشركين، وإيلام الكفار للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه بالصبر والسلوان فهذا أمر ظاهر المعنى بين الحكمة وأما العلاج بالتسبيح والاستغفار والصلاة والتكبير فهذا دليل على تأثير الروح في النطاق الجسمى إذ الصلاة والتسبيح غذاء للروح قوى، وإذا قويت الروح كان الإحساس بالتعب الجسمى، وبالألم البدني قليلا بل يكاد ينعدم، ولقد كنا نقرأ حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول لفاطمة ابنته: وقد شكت له ما تجد من مشقة (الرحا) حين تديرها لطحن طعامها وطعام بنيها ما معناه:

إذا أويت إلى فراشك فقولي: (سبحان الله والحمد لله. والله أكبر ثلاثا وثلاثين) قالت فاطمة: فلم أجد بعد ذلك ما كنت أجد من مشقة أو أذى.

فما علاقة التعب الجسماني بالتسبيح والتحميد والتكبير؟!! ولكن ظهر أن هذا للروح والروح إذا قويت لم يشعر الجسم بالتعب، ولقد صدق الله حيث يقول:

فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها الآية.

وهذا إرشاد آخر، ونصح للنبي صلّى الله عليه وسلّم ونحن أولى به باتباعه، ولا تطيلن النظر إلى ما متعنا به أصنافا من الناس، فتلك زهرة الحياة الدنيا وزينتها وبهجتها، والمعنى: لا تنظر متعجبا طالبا مثله فإنما أعطيناهم لنفتنهم فيه ونبلوهم به، ورحمة ربك في الآخرة خير من هذا كله وأبقى.

وليست الآية تأمرنا بالكسل وعدم العمل، ولكنها تنهانا فقط عن أن نتمنى مثل ما في يد الكفار والعصاة من حطام الدنيا الفاني، والواجب أننا لا نجعل الدنيا أكبر همنا، ونترك الآخرة بالمرة بل نعمل للآخرة مؤثرين رضاء الله وطاعته ولا ننسى نصيبنا

<<  <  ج: ص:  >  >>