للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخالدون؟! لا: كل نفس ذائقة الموت، وكل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم، وإليه ترجعون، فالموت نهاية كل حي وسبيل كل نفس، ولا يبقى إلا الحي القيوم الباقي بعد فناء خلقه فاعتبروا يا أولى الأبصار. واعلموا أن محمدا رسول قد خلت من قبله الرسل، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة.

فهكذا يحفظ الله دينك بعد موتك يا محمد ما دام القرآن موجودا.

والله- سبحانه وتعالى- قضى أن يختبر الناس بما يعطيهم من خير أو شر وكان ابتلاؤه بالخير دقيقا جدا قل من ينجح فيه فإن شكروا في الخير والنعيم، وصبروا في الشر والبلاء، فذلكم هم الفائزون، وإن أبطرتهم النعمة وجزعوا من البلاء فأولئك هم الخاسرون، وإلى الله ترجع الأمور.

وإذا رآك الذين كفروا ما يتخذونك إلا هزوا وسخرية لأنك تذم آلهتهم، وتعيب أصنامهم، وتذكر الرحمن الرحيم بالخير والتمجيد والتقديس والعبادة ويقولون: أهذا الذي يذكر آلهتكم بالسوء ويذكر الرحمن بالخير؟! ومن أحق بالاستهزاء والسخرية؟

أمن يذكر الأصنام والحجارة بالخير، ويذكر الرحمن بالسوء والشر وهم الكافرون أم النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي يقدس فاطر السموات والأرض؟!.

إنهم هم الأحق بالاستهزاء والسخرية لأنهم وضعوا الشيء في غير موضعه، وهم بذكر الرحمن هم وحدهم كافرون!! كانوا يستعجلون عذاب الله وآياته الملجئة إلى الإيمان والإقرار بالعبودية لله وبالرسالة لمحمد اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [سورة الأنفال آية ٣٢] .

فيقول الله لهم: خلق الإنسان من عجل حتى كأن العجل جزء من مادة تكوينه، وهذا طبع في الإنسان كله وغريزة فيه، سأريكم آياتي الدالة على القدرة وعلى صدق رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم فلا تستعجلون، وقد رأوا ذلك في نصرة الدين وإتمام نور الله ولو كره الكافرون.

وكانوا يقولون: متى هذا الوعد؟ إن كنتم صادقين أيها المؤمنون.

وهذا الاستعجال فيه معنى التكذيب والكفر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم والقرآن.

والله حين ينهانا عن العجلة مع أنها غريزة وطبع فينا إنما يطالبنا بأن نحكم العقل

<<  <  ج: ص:  >  >>