للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى من قاتل من قاتله ظلما وبغيا، لينصرنه الله ويؤيده بروح من عنده واعلموا أن الله عفو غفور فلا تلجئوا للحرب والقتال إلا إذا وقفوا ضدكم، وحاربوا دعوتكم، فإن تركوكم وشأنكم، ولم يعتدوا عليكم فمن الخير ألا تبدءوا بالقتال بل عليكم بالعفو فالله كثير العفو والمغفرة والعقوبة إنما تكون بعد فعل وقع. فهي جزاء منه، وسمى الله ابتداء الظلم عقوبة مشاكلة لتسمية الجزاء وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [سورة الشورى آية ٤٠] فسمى عقوبة الجزاء سيئة للمشاكلة، والمراد بالمثلية عدم الزيادة.

ذلك أى: المذكور كله بسبب أنه- سبحانه- قادر، ومن كمال قدرته إيلاج الليل في النهار، وإيلاج النهار في الليل بمعنى زيادة أحدهما على حساب الآخر فالقادر على ذلك قادر بلا شك على نصرة المظلوم، وإثابة الطائع ومجازاة العاصي، وذلك بسبب أن الله سميع لكل دعاء، بصير بكل عمل فلا يعزب عنه شيء.

ذلك أى ما تقدم من اتصافه- سبحانه وتعالى- بكمال القدرة، وتمام العلم بسبب أنه هو الحق، الموجود بلا شك، الموصوف بكل كمال المنزه عن كل نقص، وهو صاحب الدين الحق، فعبادته حق، ونصره لأوليائه حق، ووعده حق، وهو الحق لا شك فيه، وأن ما تدعون من دونه هو الباطل الذي لا ثبوت له، ولا وجود، والحال أن الله هو العلى المتعالي على الكل بقدرته، وقدسيته تنزهه عن الأشباه والأنداد والنظائر.

ثم أخذ القرآن يلفت نظرنا إلى الأدلة الكونية التي تثبت ذلك.

ألم تعلموا أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة؟ بقدرة الله، فالله- سبحانه- هو الذي أنزل من السماء ماء فأصاب الأرض الميتة فأحياها بالخضرة والنبات، أو سلكه ينابيع في الأرض ثم يرفع بالآلات الرافعة فأصبحت به مخضرة ذات خضرة وبهجة.

إن الله لطيف بعباده يدبر لهم أمر المعاش ونظام الدنيا خبير بهم، وبحالهم، وبنظام معاشهم ولا غرابة في ذلك كله إذ له ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا وعبيدا وتصريفا، والكل محتاج إليه، وأن الله هو الغنى فلا يحتاج إلى شيء، الحميد المحمود في السموات والأرض.

وهذه نعمة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>