للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلك صفات أخرى للمؤمنين تدل على عمق الإيمان وتأصله في نفوسهم.

[المعنى:]

إن الذين هم من خشية ربهم وخوف عذابه دائمون في طاعته جادون في طلب رضاه، إذ من بلغ في خشية الله حد الإشفاق وهو كمال الخشية كان في نهاية الخوف من سخط الله وعقابه، وهذا الصنف يكون دائما بعيدا عن المعاصي جادا في الطاعة والعمل الصالح.

والذين هم بآيات الله الكونية، يؤمنون ويصدقون على أنها دليل ناطق على وجود الله واتصافه بكل كمال وتنزهه عن كل نقص، وهذا لا يكون إلا بعد النظر السليم والفكر الصحيح في آيات الله الكونية، وآيات الله القرآنية.

والذين هم بربهم لا يشركون شيئا، وهذا دليل على نفى الشرك الخفى، والذين يؤتون ما أتوا، ويفعلون ما يفعلون من صلاة وصيام، وقيام، وزكاة، وصدقة وبر والحال أن قلوبهم وجلة وخائفة من التقصير فليس عندهم غرور ديني، بل هم دائما خائفون غير مخدوعين، ولو كانت إحدى رجليهم في الجنة.

روى أن السيدة عائشة سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: والذين يؤتون ما آتوا، وقلوبهم وجلة، أهو الذي يزنى ويشرب الخمر ويسرق وهو على ذلك يخاف الله- تعالى-، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لا يا ابنة الصدّيق ولكنّ الرّجل يصلّى ويصوم ويتصدّق، وهو على ذلك يخاف الله- تعالى-..» .

وهذه صفات عالية في نهاية الحسن إذ الأولى دلت على الخوف الشديد، والثانية على الإيمان العميق، والثالثة دلت على نفى الشرك الخفى، والرابعة دلت على المبالغة في العمل وعدم الغرور والكذب، وتلك مقامات الصديقين والشهداء والصالحين نسأل الله أن يوفقنا ويجعلنا في عدادهم.

لهذا لا غرابة في أن هؤلاء الموصوفين بتلك الصفات يسارعون في عمل الخيرات ويتعجلون دائما على فعل الطاعات، وهؤلاء آتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة وهم لها سابقون، ولما وصل القرآن إلى العمل ذكر شيئا يتعلق به، فهؤلاء المتصفون

<<  <  ج: ص:  >  >>