للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثال هذا الكلام مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً «١» وهناك من يفعل الخير خوفا من عقابه وطلبا لثوابه، فهؤلاء خوطبوا بتلك الآية وأمثالها.

يا أيها الذين آمنوا واتصفوا بهذا الوصف العالي وهو الإيمان: بادروا إلى الإنفاق في سبيل الله مما تناله أيديكم ابتغاء مرضاة الله وطلبا لرضوانه، وأنتم الآن في فسحة من العمل وغدا سيأتى يوم لا تتمكنون فيه من الإنفاق أصلا مع أنه مطلوب إذ لا بيع في ذلك اليوم ولا شراء ولا كسب بأى نوع من أنواع المبادلة، ولا يوجد ما يناله الإنسان من الصداقة والخلة والشفاعة، فهذا هو يوم الجزاء والثواب والعقاب يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، يوم يظهر فيه فقر العباد إلى الواحد القهار والكافرون نعمة الله الجاحدون حقوق المال المشروعة هم الظالمون لأنفسهم فقط، هم الذين يمهدون للأفكار السامّة والمذاهب الهدامة حتى تغزو الشرق المسلم، ألم يقل الرسول صلّى الله عليه وسلّم

«حصنوا أموالكم بالزكاة» «٢»

ولا حصن لها أقوى من أن يعرف الفقير أن له حقّا معلوما في مال الغنى.

والمراد الإنفاق الواجب بدليل الوعيد الشديد، والدين يطالب بإنفاق القليل مما جعلكم مستخلفين فيه، فإنه ما آل إليكم إلا بعد أن خرج من يد غيركم أساءوا التصرف فيه ولم يحصنوه، فكانوا كافرين بنعمة الله ظالمين لأنفسهم.

أمن الحكمة أن يرى الأغنياء الأمة وقد تكاتفت عليها الأعداء الثلاثة من فقر وجهل ومرض، ثم هم يبذّرون المال ذات اليمين وذات اليسار في الخارج وعلى موائد القمار وفي الليالى الحمراء ويعرف الجميع هذا؟ ثم يقول الناس: إنهم يحاربون الأفكار الهدامة كالشيوعية وغيرها.

لا يا قوم إن أسلحة الحرب لهؤلاء الأعداء هي القوانين الإسلامية والحدود الشرعية، والإنفاق في سبيل الله أمضى سلاحا وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ «٣» .


(١) سورة البقرة آية ٢٤٥.
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٣٨٢.
(٣) سورة البقرة آية ٢٧٢. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>