للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولين الذين لم بعاصرهم، ولم يدرس أخبارهم، على معلم أو أستاذ، وهو النبي الأمى الذي لم يقرأ كتابا، ولم يخط حرفا.

وقد ساق الله هنا الأدلة على أن القرآن من عند الله، وليس من عند محمد بعد هذا.

[المعنى:]

وإن القرآن الذي أنزل عليك يا محمد لتنزيل رب العالمين، وقد نزل به جبريل- عليه السلام-، الأمين على الرسالات، وخادم الآيات المنزلات، نزل به على قلبك فوعاه، وكان هذا الفضل من عند الله لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ

«١» وكان ذكر القلب لأنه أمير الجسم، ومركز الحواس الخاصة. الحواس الروحية. ولذا وصف القرآن دائما الكفار بأن قلوبهم مغلقة فقال أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «٢» فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «٣» وفي ذكر القلب إشارة إلى أن القرآن نزل على النبي، فوعاه، وحفظه، ليكون من المنذرين وانظر إلى قوله تعالى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ مع تحدى القرآن للعرب على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو بسورة فعجزوا هم وشركاؤهم وأعوانهم، أليس في هذا دليل على أن القرآن من عند الله لا من عند محمد، إذ هو واحد منهم، فكيف يأتى بما عجز عنه قومه مجتمعين مع التحدي والاستهزاء بهم.

ثم انظر إلى الدليل الثالث على أن القرآن من عند الله: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ حقا إن القرآن ذكر في الكتب السابقة التي نزلت على الأنبياء بمعنى أنها بشرت بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وبأنه سينزل عليه قرآن يشهد بصدقها، ويهيمن عليها وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ [سورة البقرة آية ٨٩] .

وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ «٤» أعموا وضلوا ولم يكن لكفار مكة في أن يعلمه علماء بنى إسرائيل ويقولون لهم إن


(١) سورة القيامة الآيات ١٦- ١٨.
(٢) سورة محمد الآية ٢٤.
(٣) سورة الحج الآية ٤٦.
(٤) سورة المائدة الآية ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>