للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل من جعل الأرض قرارا يستقر عليها الإنسان وغيره، ويعيش عليها، فقد جعل الله الأرض رغم كرويتها ودورانها السريع صالحة للاستقرار والمعيشة عليها بهذا النظام الدقيق، وما كانت الزلازل التي تصيب الأرض في بعض الظروف إلا ليشعر العالم أجمع بما هو فيه من نعمة الاستقرار على الأرض، وقد جعل الأنهار تجوس خلالها غادية ورائحة ليتمتع الإنسان الحي بتلك النعم، وقد جعل لها رواسى من الجبال والهضاب لئلا تميد بنا وتضطرب مع ما في تلك الجبال من منافع، فحقا صدق الله خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً، وقد خلق الله على الأرض البحرين العذب الفرات، والملح الأجاج، وجعل بينهما حاجزا من اليابس لئلا يطغى أحدهما على الآخر إذ في كل منهما خير ومنفعة لك يا ابن آدم؟ أمن جعل لك كل هذا كمن لم يجعل لك ولا لنفسه شيئا؟! أيليق أن يكون مع صاحب هذه النعم والقدر إله يعبد؟ بل أكثر الناس لا يعلمون الحق فيتبعونه..

الله- سبحانه- خلق لنا السماء والأرض والبحار والأنهار، والزروع والأشجار، وهل تركنا بعد ذلك؟ لا. إننا محتاجون إليه، وهو- سبحانه- يكشف عنا الضر إذا نزل.

بل أمن يجيب المضطر إذا دعاه [والمضطر من أصابه ضر من فقر أو مرض أو حاجة دعته إلى الالتجاء والاضطرار] ويكشف عنه السوء إذا التجأ إلى ربه حقا ودعاه، وهو الذي جعلكم أيها الناس خلفاء في الأرض لغيركم، فكل منا وارث لأبيه وسيرثه ابنه، والدنيا كالمنزل يأوى إليه جماعة من الناس ليلا ثم يفارقونه نهارا، ويخلفهم آخرون؟ أمن يفعل هذا كمن لا يفعل شيئا؟ أيكون مع الله إله آخر تدعونه، وهو لا ينجيكم من البحر، ولا ينقذكم من الضر، ولا يدفع عنكم سوءا؟!! ما تذكرون ذلك إلا ذكرا قليلا.

الله يحرسنا بعين لا تنام، ويحفظنا بقدرة لا ترام، ويكلؤنا ويهدينا في ظلمات البر والبحر حتى ننجو بسلام. وسبحانه وتعالى عما يشركون.

بل من يهديكم أيها الناس في ظلمات البر والبحر؟ حيث أودع فيكم عقلا وفكرا، وهداكم إلى العلم والمعرفة التي بها تعرفون اتجاهكم وسيركم بمقاييس مضبوطة، نعم هو

<<  <  ج: ص:  >  >>