للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزعمون؟ أين الذين عبدتموهم من دوني، وأثبتم لهم شركة في استحقاق العبادة؟! ولن يجيبوا عن هذا السؤال لأنه سؤال تقريع فلا جواب له.

وكأن سائلا سأل وقال: ماذا حصل منهم عند هذا السؤال؟ والجواب أنه حصل منهم التنازع والتخاصم بين الرؤساء والمتبوعين، وبين العوام والتابعين، وقد حصل منهم كلما اشتد بهم الأمر مثل هذا الخصام ألا ترى إلى قوله- تعالى- في سورة إبراهيم وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ.. الآية ٢١.

وهنا قال الذين حق عليهم القول، والمراد قال الذين ثبت عليهم مقتضاه، وتحقق فيهم مؤداه، وهذا القول قاله تعالى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [سورة السجدة آية ١٣، ص ٨٥] .

هؤلاء الذين حق عليهم القول وثبت هم رؤساء الضلالة، وقادة الشرك الذين اتبعهم وقلدهم الناس، قالوا اعتذارا أو ردا لقول العوام إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالوا: هؤلاء- الإشارة إلى الأتباع والعوام- أتباعنا آثروا الكفر على الإيمان كما اثرنا نحن فلا فرق بيننا وبينهم، ونحن وإن كنا دعوناهم إلى الكفر فقد كان ذلك في مقابلة دعاء الله- تعالى- لهم إلى الإيمان. بما غرس فيهم من تفكير وأوجد فيهم من قوى عاقلة، وبما أرسل إليهم من رسل، وأنزل عليهم من كتب مشحونة بالوعد والوعيد والوعظ والزجر، وناهيك بذلك صارفا عن دعائنا لو كانوا ممن شرح الله صدرهم للإسلام. فهؤلاء الذين أغوينا أغويناهم فغووا كما غوينا.

فالخلاصة: أننا جميعا سواء في استحقاق ما نحن فيه من عذاب، ونحن نتبرأ إليك منهم، ما كانوا إيانا يعبدون إنما كانوا يعبدون أهواءهم، ويطيعون شياطينهم.

وقيل لهم أيضا: ادعوا شركاءكم ينصرونكم من دون الله، ويمنعون عنكم من عذابه شيئا فدعوهم وألحوا في دعائهم فلم يستجيبوا لهم، وكيف يستجيبون يوم القيامة؟

وقد كانوا في الدنيا صمّا بكما وعميا، بل هم جماد وأحجار:

ورأى المشركون النار، وذاقوا العذاب وأبصروه، فيا ليتهم كانوا مهتدين في الدنيا.

واذكر يوم يناديهم تقريعا وتوبيخا لهم فيقول: ماذا أجبتم المرسلين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>